أو الكفر إذا اختار الكفر جاز استرقاقه فضلا عن استرقاق ولده ولا وجه للتردد وقد قدمنا البحث عن هذا في استرقاق كل كافر من غير فرق بين عربي وعجمي.
قوله: "والصبي مسلم بإسلام أحد أبويه".
أقول: إذا كان مولودا على الفطرة الإسلامية وكان ذلك كافيا في الحكم له بالإسلام فإسلامه مع إسلام أحد أبويه أظهر وأظهر ولا يحتاج إلى الاستدلال بدليل يخص هذه الصورة وهكذا لا يحتاج إلى الاستدلال بدليل يخص قوله وبكونه في دارنا دونهما لأنه قد اجتمع له الولادة على الفطرة والكون في دار الإسلام فكان من جملة من يحكم له بالإسلام بالسببين المذكورين كما استحق من أسلم أحد أبويه أن يحكم له بالإسلام بالسبيين وهما الولادة على الإسلام مع إسلام أحد أبويه وقد كان أبواه هما اللذان يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه فمع إسلام أحدهما قد صار
داعيا إلى الإسلام كما صار بدعوة الآخر إلى الكفر وداعي الإسلام أرجح وأقدم لأن الإسلام يعلو ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا.
وأما قوله: "وللملتبس بالدار" فلا وجه له بل ينبغي الحكم للملتبس بالإسلام لأنه مولود على الفطرة كما قال الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم.
قوله: "والمتأول كالمرتد" الخ.
أقول: ها هنا تسكب العبرات ويناح على الإسلام وأهله بما جناه التعصب في الدين على غالب المسلمين من الترامي بالكفر لا لسنة ولا لقرآن ولا لبيان من الله ولا لبرهان بل لما غلت مراجل العصبية في الدين وتمكن الشيطان الرجيم من تفريق كلمة المسلمين لقنهم إلزامات بعضهم لبعض بما هو شبيه الهباء في الهواء والسراب البقيعة فيا لله وللمسلمين من هذه الفاقرة التي هي من أعظم فواقر الدين والرزية التي ما رزىء بمثلها سبيل المؤمنين وأنت إن بقي فيك نصيب من عقل وبقية من مراقبة الله عزوجل وحصة من الغيرة الإسلامية قد علمت وعلم كل من له علم بهذا الدين أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن الإسلام [مسلم "1/8"] ، قال في بيان حقيقته وإيضاح مفهومه: "أنه إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان وشهادة أن لا إله إلا الله"، والأحاديث بهذا المعنى متواترة فمن جاء بهذه الأركان الخمسة وقام بها حق القيام فهو المسلم على رغم أنف من أبى ذلك كائنا من كان فمن جاءك بما يخالف هذا من ساقط القول وزائف العلم بل الجهل فاضرب به في وجهه وقل له قد تقدم هذيانك هذا برهان محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه:
دعوا كل قول عند قول محمد ... فما آمن في دينه كمخاطر
وكما أنه قد تقدم الحكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن قام بهذه الأركان الخمسة بالإسلام فقد حكم لمن آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره بالإيمان وهذا منقول عنه نقلا متواترا فمن كان هكذا فهو المؤمن حقا وقد قدمنا قريبا ما ورد من الأدلة المشتملة على الترهيب العظيم من تكفير المسلمين والأدلة الدالة على وجوب صيانة عرض المسلم واحترامه