الصغار وأيضا هو من سبيل على المؤمنين وقد قال عزوجل: {وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً} [النساء: 141] ،

وأما قوله: "ويعتق بإدخالهم إياه دار الحرب قهرا" فوجهه ما تقدم من أن دار الحرب دار إباحة يملك كل فيها ما تثبت يده عليه فإذا ثبتت يده على نفسه صار حرا ووجه التقييد بقوله قهرا أنه إذا دخلها راضيا مختارا كان ذلك قادحا في إسلامه مبطلا لحرمته.

[فصل

وينتقض عهدهم بالنكث من جميعهم أو بعضهم إن لم يبايتهم الباقون قولا وفعلا وعهد من امتنع من الجزية إن تعذر إكراهه قيل أو نكح مسلمة أو زنا بها أو قتل مسلما أو فتنة أو دل] .على عورته أو قطع طريقا

قوله: "فصل: وينتقض عهدهم بالنكث" الخ.

أقول: ثبوت الذمة لهم مشروط بتسليم الجزية والتزام ما ألزمهم به المسلمون من الشروط فإذا لم يحصل الوفاء بما شرط عليهم عادوا إلى ما كانوا عليه من إباحة الدماء والأموال وهذا معلوم ليس فيه خلاف وفي آخر العهد العمري فإن خالفوا شيئا مما شرطوه فلا ذمة لهم وقد حل للمسلمين منهم ما يحل من أهل العناد والشقاق انتهى وهذا الانتقاض لعهدهم إذا كان من جميعهم فأمره واضح وأما إذا كان من بعضهم فليس على الآخرين إلا مباينتهم كما قال المصنف فإن لم يفعلوا لم تكن مجرد المخالطة نقضا لعهد من لم ينكث إلا أن يظهر منهم الرضا بذلك النكث والموافقة للناكثين.

وأما قوله: "وعهد من امتنع من الجزية" فوجهه ظاهر فإنها هي السبب الأكبر في حقن دمائهم وعصمة أموالهم ولا وجهه للتقييد بقوله إن تعذر إكراهه لأنه قد صار بالامتناع من الجزية غير ذمي فيحل منه ما يحل من الحربي وهو قد صار بهذا الامتناع كما قال الشاعر:

فكنت كالساعي إلى متعب ... موائلا من سبل الراعد

قوله: "قيل أو نكح مسلمة" الخ.

أقول: إذا فعل الذمي ما يستباح به دم المسلم كان دمه حلالا بفحوى الخطاب وذلك كأن يطعن في الإسلام أو يسب نبينا صلى الله عليه وسلم وأما هذه الأمور التي ذكرها المصنف حاكيا لها عن الغير فإن كان قد أخذت على الذمي في عهده فقد حل دمه بمجرد المخالفة للعهد المأخوذ عليه وإن لم يؤخذ عليه في عهده كان مستحقا لما يوجبه عليه الشرع في ذلك الفعل فيقتل إن قتل مسلما ويحد إن زنا بمسلمة ويحد حد المحارب إن قطع طريقا ويفرق بينه وبين المسلمة التي نكحها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015