أكثر رأيه الإصابة مقدام حيث يجوز السلامة لم يتقدمه مجاب وطريقها الدعوة ولا يصح إمامان] .
قوله: "فصل: يجب على المسلمين نصب إمام".
أقول: قد أطال أهل العلم الكلام على هذه المسألة في الأصول والفروع واختلفوا في وجوب نصب الإمام هل هو قطعي أو ظني؟ وهل هو شرعي فقط؟ أو شرعي وعقلي؟ وجاءوا بحجج ساقطة وأدلة خارجة عن محل النزاع والحاصل أنهم أطالوا في غير طائل ويغني عن هذا كله أن هذه الإمامة قد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإرشاد إليها والإشارة إلى منصبها كما في قوله: "الأئمة من قريش" وثبت كتابا وسنة الأمر بطاعة الأئمة ثم أرشد صلى الله عليه وسلم الإستينان بسنة الخلفاء الراشدين فقال: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين الهادين"، وهو حديث صحيح وكذلك قوله: "الخلافة بعدي ثلاثون عاما" [أحمد "5/221"، الترمذي "2226"، أبو داود "4647"، ووقعت منه الإشارة إلى من سيقوم بعده ثم إن الصحابة لما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا أمر الإمامة ومبايعة الإمام على كل شيء حتى إنهم اشتغلوا بذلك عن تجهيزه صلى الله عليه وسلم ثم لما مات أبو بكر عهد إلى عمر ثم عهد عمر إلى النفر المعروفين ثم لما قتل عثمان بايعوا عليا وبعده الحسن ثم استمر المسلمون على هذه الطريقة حيث كان السلطان واحدا وأمر الأمة مجتمعا ثم لما اتسعت أقطار الإسلام ووقع الإختلاف بين أهله واستولى على كل قطر من الأقطار سلطان اتفق أهله على أنه إذا مات بادروا بنصب من يقوم مقامه وهذا معلوم لا يخالف فيه أحد بل هو إجماع المسلمين أجمعين منذ قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذه الغاية فما هو مرتبط بالسلطان من مصالح الدين والدنيا ولو لم يكن منها إلا جمعهم على جهاد عدوهم وتأمين سبلهم وإنصاف مظلومهم من ظالمه وأمرهم بما أمرهم الله به ونهيهم عما نهاهم الله عنه ونشر السنن وإماتة البدع وإقامة حدود الله فمشروعية نصب السلطان هي من هذه الحيثية ودع عنك ما وقع في المسألة من الخبط والخلط والدعاوي الطويلة العريضة التي لا مستند لها إلا مجرد القيل والقال أو الإتكال على الخيال الذي هو كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا.
ثم من أعظم الأدلة على وجوب نصب الأئمة وبذل البيعة لهم ما أخرجه أحمد والترمذي وابن خزيمة وابن حبان في صحيحه من حديث الحارث الأشعري بلفظ: "من مات وليس عليه إمام جماعة فإن موتته موتة جاهلية"، ورواه الحاكم من حديث ابن عمر ومن حديث معاوية ورواه البزار من حديث ابن عباس.
وأما اشتراط أن يكون مكلفا فوجهه واضح لأن الصغير لا يصلح لتدبير أمور المسلمين بل لم يصلح لتدبير أمر نفسه فكيف يصلح لتدبير أمر غيره؟!
وأما كونه ذكرا فوجهه أن النساء ناقصات عقل ودين كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن كان كذلك لا يصلح لتدبير أمر الأمة ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في الصحيح: "لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة".