[فصل

وندب ممن له مال غير مستغرق بثلثه في القرب ولو لوارث ومن المعدم بأن يبره الإخوان] .

قوله: "فصل: وندب ممن له مال غير مستغرق بثلثه في القرب".

أقول: التقرب إلى الله عزوجل بطاعاته مشروع لعباده في كل وقت وإليه وقع الترغيب بالآيات والأحاديث الكثيرة وحالة الوصية من جملة الأوقات التي تدخل تحت تلك الأدلة ولا سيما والموصى أحوج ما كان إلى التقرب بالبر والإحسان ومثل هذا لا يحتاج إلى الإستدلال عليه بمثل قوله: "إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم" الحديث المتقدم.

وأما اشتراط أن يكون ماله غير مستغرق بالدين فوجهه أن قضاء ما يجب قضاؤه أهم من التقرب بما لا يجب وألزم وأحق.

وأما التقييد بالثلث فإن كان له وارث فهو صحيح وإن لم يكن له وارث فله أن يجاوزه كما قدمنا تحقيقه.

قوله: "ولو لوارث".

أقول: إن كان الدليل على جواز الوصية للوارث هو ما ورد في القرآن من الوصية للوالدين والأقربين فقد وقع الإتفاق على أنه منسوخ غير ثابت الحكم والقول بأنه نسخ الوجوب وبقي الندب غير مسلم ولو سلمنا لكان ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم من أنه: "لا وصية لوارث"، رافعا لهذا الندب ودافعا له فإنه قد ثبت ذلك من طرق منها ما أخرجه أحمد "4/182"، والنسائي "6/247"، والترمذي "2121"، وصححه وابن ماجة والدارقطني والبيهقي من حديث عمرو بن خارجة أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب على ناقته وأنا تحت جرانها وهي تقصع بجرتها وإن لغامها يسيل بين كتفي فسمعته يقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"، ومنها ما أخرجه أحمد "5/267"، وأبو داود "2870"، والترمذي "2120"، وابن ماجه "2713"، وحسنه الترمذي من حديث أبي أمامة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم بقول: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث"، وما قيل من أن في إسناده إسماعيل بن عياش فقد تقرر عند الأئمة الحفاظ أنه قوي إذا روى عن الشاميين وهذا من روايته عن الشاميين لأنه رواه عن شرحبيل بن مسلم وهو شامي ثقة وقد صرح في روايته بالتحديث فلم يبق للحديث علة يعل بها ومنها ما أخرجه الدارقطني من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجوز وصية لوارث إلا أن يشاء الورثة"، وقد حسنه ابن حجر في التلخيص وقال في الفتح رجاله ثقات قال لكنه معلول فقد قيل أن عطاء الذي رواه عن ابن عباس هو الخراساني وأخرج نحوه البخاري "5/372"، من طريق عطاء بن أبي رباح عن ابن عباس موقوفا قال: إلا أنه في تفسيره إخبار بما كان من الحكم قبل نزول القرآن فيكون في حكم المرفوع انتهى. وقد تقرر أن الرفع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015