وأما قوله: "وبرجوعه" فوجهه ظاهر لأنه رجع قبل الوقت الذي تنفذ فيه الوصية ويستحقها من هي له وهو قوت الموت.

وأما قوله: "أو المجيز في حياته" فوجهه أن إسقاط حقه إنما يستقر بموت الموصي لأنه وقت النفوذ فإذا رجع قبله كان الرجوع صحيحا وإذا رجع بعده لم يصح لأنه مكلف مختار رضي لنفسه فلا يبطل ذلك الرضا بعد وقت الإستقرار وإلا استلزم هذا الرجوع عن الرضا جواز الرجوع عن سائر ما يرضى به الإنسان فلا تستقر معاملة وقد عرفناك أن الرضا هو المعتبر في جميع المعاملات.

وأما قوله: "فيعمل بناقضة الأولى" فوجهه أنه وقع نقض الأولى في الوقت الذي يجوز له فيه أن يرجع لأنه رجوع قبل وقت الإستقرار فكان العمل على ما ثبت الموصي عليه إلى وقت الإستقرار وهو موته.

[فصل

وإنما يتعين وصيا من عينه الميت وقبل وهو حر مكلف عدل ولو متعددا أو إلى من قبل فيجب قبولها كفاية ويغني عن القبول الشروع وتبطل بالرد ولا تعود بالقبول بعده في الحياة إلا بتجديد ولا بعدها إن رد في وجهه ولا يرد بعد الموت من قبل بعده أو قبله إلا في وجهه وتعم وإن سمى معينا ما لم يحجر عن غيره والمشارف والرقيب والمشروط علمه وصي لا المشروط حضوره ولكل منهما أن ينفرد بالتصرف ولو في حضرة الآخر إن لم يشرط الإجتماع ولا تشاجرا] .

قوله: "فصل: وإنما يتعين وصيا من عينه الميت" الخ.

أقول: أما اشتراط القبول فلا بد منه إذ لا يلزم الإنسان الدخول في شيء حتما وأما اشتراط الحرية فلا وجه له بل العبد كالحر إذا أذن له سيده وإذا مات السيد ولم يأذن له المالك الآخر كان ذلك في حكم موت الوصي الحر حيث لم يوص فتكون الولاية للوارث أو للإمام والحاكم على ما سيأتي.

وأما اشتراط التكليف فقد قدمنا في أول كتاب الوصايا وجه ذلك وأما اشتراط أن يكون عدلا فلم يرد ما يدل على اعتبار العدالة في الوصي كما لم يرد اعتبار العدالة في الوكيل والرسول والشريك ونحوهم وقد رضيه الميت لنفسه وأقامه مقامه بعد موته فوجب امتثال ذلك وإذا تصرف تصرفا يخالف الحق فسيأتي أنها تبطل وصايته.

وأما قوله: "ولو متعددا" فليس في هذا نزاع فللموصي أن يوصي إلى الواحد والإثنين والجماعة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015