فإن قلت: يخص بشيء آخر، وهو قوله تعالى: (إنما جزاؤ الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا ..) [المائدة: 33] الآية، والساب محارب مشاق محاد عدو لله ولرسوله ساع في الأرض بالفساد، قال تعالى في المنافقين: (ألا إنهم هم المفسدون) [البقرة: 12]، بل السب أصل كل فساد، لأنه فساد النبوة التي هي صلاح الدين والدنيا، وإذا كان الساب محاربًا ساعيًا بالفساد وجب أن يعاقب بإحدى العقوبات المذكورة في الآية إلا أن يتوب قبل القدرة عليه، وقد قامت الأدلة على أن عقوبته متعينة بالقتل، وأن السب ذنب مقتطع عن الكفر، وهو من جنس المحاربة، والتوبة التي تحقن دم المرتد هي التوبة عن الكفر، فأما إن ارتد محاربة كما فعل مقيس بن صبابة والعرنيون فلا. ومما يحقق أن السبب كالمحاربة أن مفسدته جناية وقعت في الوجود، ولا يرتفع أثرها، فهي كالمحاربة، والزنا والقتل ذنوب ماضية ليست كالكفر الذي هو عليه الآن حتى تصح التوبة عنها ويسقط أثره بها.

قلت: الآية الكريمة عند أكثر العلماء واردة في قطاع الطريق مسلمين كانوا أو كافرين، واحتجوا على ثبوت معنى الحرابة في المسلم بقوله

طور بواسطة نورين ميديا © 2015