وكان صفوان بن سليم إذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى، فلا يزال يبكي حتى يقوم الناس عنه ويتركوه. وكان مالك بن أنس لا يحدث بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم/ إلا وهو على وضوء لإجلاله. وروي أنه كان يغتسل ويتطيب ويلبس ثيابًا جددًا وساجه، ويتعمم ويضع على رأسه رداءه، وتلقى له منصة فيخرج فيجلس عليها وعليه الخشوع، ولا يزال يبخر بالعود حتى يفرغ من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم يكن يجلس على تلك المنصة إلا إذا حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومن توقيره صلى الله عليه وسلم توقير أصحابه والإمساك عما شجر بينهم، وتوقير مشاهده من مكة والمدينة، ومعاهده وما لمسه أو عرف به، وأفتى مالك فيمن قال: "تربة المدينة رديئة" بضرب ثلاثين درة، وأمر بحبسه ـ وكان له قدر ـ وقال: ما أحوجه إلى ضرب عنقه، تربة دفن فيها النبي صلى الله عليه وسلم يزعم أنها غير طيبة!