خامسا: النضج الفكري

شاهد القرن السادس الميلادي تطورا عقليا في كل أرجاء المعمورة بشكل لم يعهده الناس من قبل حتى كأن البشر قد ترقوا من طفولتهم الذهنية إلى مرحلة بلغ فيها الإنسان أشده -كما يقول الشيخ/ محمد عبده1- ولعل المراد من النضج العقلي المذكور هو وصول الإنسان إلى التفكير الكلي المنظم، الذي يستنتج من المحسوس، ومن القضايا العقلية أشياء أخرى غيرها، وينظر الحياة نظرة فيها الرضى القائم على التحليل والنقد، أو السخط المعتمد على الدليل والمناقشة، ويحاول دائما السمو إلى العلا والتقدم.

إن طفولة الإنسان كانت تقوم على المحسوس فقط، تنبهر بالعجائب، وتندهش بالظواهر الخارقة كعهدها مع الرسالات السابقة؛ لأن الخوارق إليهم كانت حسية، كانوا يؤمنون بعدها خائفين ومندهشين، كما حدث لما أحيا المسيح شابا في مدينة "نايين" فقد أخذ الجميع خوف ومجدوا الله قائلين: قدم قام فينا نبي عظيم وافتقد الله شعبه2.

ولقد كان عصر الدعوة الإسلامية يوافقه عصر نضج عقلي واضح، ساد العالم كله، وقد تجلى هذا الواقع في نقد ظهر في كل مكان، متجها إلى العقيدة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015