مرت الدعوة في مكة بمراحل متعددة تدور بين السرية في الدعوة، والجهر الخاص، والجهر العام، وكان لكل مرحلة ظروفها الذي حتم صورا معينة في أساليب ووسائل الدعوة.
وحين ننظر إلى الدعوة في العصر الحديث، ونتأمل واقع العالم المعاصر، نرى أنفسنا أمام مجموعة من الحقائق، أهمها:
أولا: يموج العالم بموجات عديدة، ومتعارضة في المذهب، والفكر، والسلوك.
فمن الناحية الفكرية والمذهبية، نرى في كل دين أقلية تلتزم به، وأكثرية تدعيه وتطبق ما يعارضه، وتكتفي بمسميات لا مضمون لها.
والذين يتمسكون بدينهم منقسمون إلى جماعات مختلفة كل منها يدعي الحق لنفسه فقط، ويرى أن ما عداه باطل، ولو كان هذا الانقسام في الفروع لهذا الأمر، لكنه كثيرا ما يكون في الأصول مع أنها واحدة لا تتنوع.
ثانيا: تكتفي الدول الإسلامية برموز إسلامية على أساس أنها الإسلام، فتحافظ على الشعائر الدينية؛ كالصلاة، والصوم، والحج، وتنظم الأحوال الشخصية؛ كالزواج، والطلاق، والميراث، وفق شرع الله تعالى، وتترك ما عدا ذلك لقوانين البشر التي وضعها الناس؛ لأنها تتصور أن تطبيق كافة أحكام الشريعة أمر مستحيل، أو يذهبون إلى عدم تقبل الناس لها.