الذي بناه له الصحابة خلف الصفوف، بل ليكون في الصفوف، يرمي بالحصا، ويناشد الله، وينظم الصف، حتى أشفق عليه الصديق أبو بكر رضي الله عنه فقال له: بعض مناشدتك ربك، فإنه منجز لك ما وعد، وتنتهي المعركة، ويأتيه خبر وفاة ابنته وهو عائد إلى المدينة.
وكان صلى الله عليه وسلم يحاول دائما مصلحة الناس ويتصرف وفق ذلك، ومن ذلك ما ذكره صلى الله عليه وسلم: "يا سعد، إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه خشية أن يكبه الله في النار" 1، فهو يعطي هذا إنقاذا له من النار ويترك غيره الأحب.
إنه صلى الله عليه وسلم في موالاته النصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، قد ترك للمسلمين عموما وللدعاة على الخصوص ثروة طائلة تمدهم بالدين كله.
وعلى الجملة، فإن هذه المشاركة بكل جوانبها ضرورية لمن وقف نفسه لدعوة الله حتى يأخذ الصدارة، ويتقدم الصفوف، ويكون ثقة القوم وأملهم، ويبعد عن تهمة الحاقد، وينجو من عداوات المعارضين.
2- القوة والشجاعة:
وهذه صفة أخرى تساعد على الثقة والقيادة، وهي صفة تنبني على تقدير الشخص لنفسه وفهمه لواقع حياته وأتباعه لتعاليم دينه المؤكدة، فبذلك يبعد تلقائيا عن الذل والضعف، وعن الخوف والاضطراب؛ لأنه يثق في المفاهيم التالية:
أولا: المؤمن يجب أن يكتسب من إيمانه الثقة ويشعر بالتفضيل والكرامة؛ لأنه بالإيمان يؤدي ما عليه ويترك ما عدا ذلك لله الذي يصرف كل شيء: {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} 2.