وفي نهاية هذا المبحث أجد شبهة تستحق أن نرد عليها، فلقد عرض الدكتور/ محمود علي مراد لأحداث السيرة في المرحلة المكية في رسالته للدكتوراه، ورأى أن أغلب مروياتها وضع تمجيدا لبني هاشم، أجداد العباسيين، الذين دونت السيرة في عهدهم؛ ولذلك جاءت أحداث سيرة ابن إسحاق وبخاصة في الفترة المكية تمجيدا لبني هاشم خدمة للعباسيين على حساب الأمويين أعدائهم.
ويرى أن النصوص التي تصور عبد المطلب مؤمنا غير صحيحة، ولا تتناسب مع بعض الشواهد التي ذكرها الدكتور في مؤلفه، فقصة حفر عبد المطلب لزمزم، ومواجهته لأبرهة، وإصراره على الوفاء بنذره، بذبح أحد أبنائه العشرة.
هذه الأحداث يردها الدكتور، ويستدل في ردها برضى عبد المطلب على وضع الأصنام حول الكعبة، وعدم قيام عبد المطلب بدعوة دينية في قومه، وتسميته أحد أبنائه بـ"عبد العزى"، وجحود أبنائه الديني؛ حيث لم يؤمن أحدهم بمحمد إلا بعد ثلاث سنوات من البعثة1، مما يدل على عدم توجيههم دينيا.
ونحن لا نرتضي ما ذهب إليه الدكتور لما يلي:
1- التشكيك في راوي السيرة "ابن إسحاق" غير صحيح، فهو من رواة السنة، وأحاديثه ورواياته مقبولة، وقد وثقه علماء الجرح والتعديل2.