تميز عبد الله بالعفة والطهر وحسن الخلق، رووا أن كاهنة بمكة يقال لها: فاطمة بنت مر الخثعمية، مر بها عبد المطلب، ومعه ابنه عبد الله أن يريد أن يزوجه آمنة بنت وهب، فرأت نور النبوة في وجد عبد الله، فقالت: هل لك أن تغشاني وتأخذ مائة من الإبل، فعصمه الله تعالى من إجابتها، وقال لها:
أما الحرام فالممات دونه ... والحل لا حل فاستبينه
فكيف بالأمر الذي تبغينه ... يحمي الكريم عرضه ودينه
فلما تزوجت آمنة عبد الله، وحملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، مر عبد الله على الكاهنة مرة أخرى، وقال لها: هل لك فيما طلبت؟!
فنظرت إليه، ولم ترَ ذلك النور في وجهه فقالت له: قد كان ذلك أول مرة، أما اليوم لا، ماذا صنعت؟
فقال: زوجني أبي آمنة بنت وهب الزهرية.
فقالت: قد أخذت النور الذي كان في وجهك، وأنشأت تقول:
الآن قد ضيعت ما كان ظاهرا ... عليك وفارقت الضياء المباركا
غدوت علي خاليا فبذلته ... لغيري هنيئا فالحقن بنسائكا
ولا تحسبن اليوم أمس وليتني ... رزقت غلاما منك في مثل حالكا
وداخلها الأسف على ما فاتها، والحسرة على ما تولى عنها1.
وكان عبد الله بارا بأبيه، مطيعا له، يروي ابن إسحاق أن عبد الله حين انصرافه مع أبيه بعد الذبح مر على امرأة من بني أسد، وهي أخت ورقة بن نوفل، فنظرت إلى وجهه وقالت له: أين تذهب يا عبد الله؟
قال لها: معي أبي.
قالت له: لك مثل الإبل التي نحرت عنك، وقع علي نكاحا الآن.