وسرعة الحركة والاتصال، أدى فائدة عظمى للدعوة الإسلامية ساعدت على انتشارها، وما لاحظناه من معارضات للدعوة بعد ظهورها فمنشؤه التعصب، ومحاولة المحافظة على القديم الموروث، وبقايا صراعات قبلية قديمة، كما حدث من الأمويين، فإنهم تأخروا عن الدخول في الإسلام بسبب كون النبي من بني هاشم، لدرجة أن أبا سفيان الأموي حمل المعارضة للنبي في مكة بلا سبب غير التنافس بين الهاشميين والأمويين، وكانت "أم جميلة بنت حرب زوجة أبي لهب" تحمل الحطب، وتضعه أمام بيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي طريقه، وكانت تقول عنه صلى الله عليه وسلم:
مذمما عصينا
وأمره أبينا
ودينه قلينا1
كانت مدفوعة بالعصبية بسبب كونها أختا لأبي سفيان الأموي2، فدفعها التعصب إلى هذه الحملة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما المانع إذن أن يكون موقف زوجها أبي لهب عم النبي صلى الله عليه وسلم من تأثيرها فيه؟!
وكذلك فإن أصحاب المصلحة في مكة عارضوا الدعوة حفاظا على وضعهم.
لكن..
وهل تجدي الحيل الإنسانية أمام الإرادة الإلهية التي قدرت ظهور الدعوة واختارت لها هذا الزمان الذي تميز بالصراع والنضج وانتظار الرسالة؛ لكي تنتشر الدعوة، وتظهر على الأديان كلها بقدرة الله وعلى سنن البشر؟
وهل تمحو الحيل الشيطانية من واقع الحياة وأفكار الناس ما قدره الله في كافة الشئون والأحوال والأعمال؟
إن قدر الله غالب، وقضاءه نافذ، وإرادته شاءت أن تجيء الدعوة إلى الله تعالى في هذا الزمان بما فيه من خصائص وصفات.