والأمل أن يهتم كل مسلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ منها مناط الأسوة التي يحتاج إليها حيث نشاطه وعمله.
ولسوف يشعر المسلمون بالعزة يوم أن يعيشوا الإسلام كما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم وكما عاشه المسلمون الأوائل.
وقد كان لعلماء العصر الحديث فضل أن قدموا النبي صلى الله عليه وسلم في لقطات متخصصة فمنهم من كتب الجانب النفسي ومنهم من كتب في الطب النبوي, ومنهم من كتب في القيادة المحمدية, وهكذا حتى أصبح أمر الاستفادة من السيرة سهلا لمن يريده, وأصبح عملا جميلا لمن يبحث عن السعادة والرضى.
ولا يصح مطلقًا أن نعيش السيرة فكرًا ثقافيًا نعجب به، ونعرفه، ولا نطبقه لأن ذلك إهمال للواجب، وإساءة لحق رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإضاعة لحضارة إسلامية عظيمة قائمة على العلم والعمل، ومعتمدة على الفكر والسلوك, ولعل ما فيه المسلمين اليوم يؤكد المحاذير التي أشرت إليها، فلقد صاروا في مؤخرة العالم وغدوا عالة عليه من ساعة إهمالهم لتطبيقات السيرة، وابتعادهم عن العمل بالإسلام.
والأمر في هذا الشأن بدهي كله لأن المسلم حين يبتعد عن الإسلام يعمل بلا هوية، ولا يعرف لنفسه غاية، وتتكاثر أمامه الطرق, وحينئذ يتحرك بعشوائية، ويرضى بأي غاية، ويضل بين المسالك والسبل, الأمر الذي يسهل لأعداء الإسلام وأعداء الله اللعب به، وإضعافه، وإبعاده عن الغايات الإسلامية العظيمة.
إن محاولتي في الكتابة عن السيرة ليست ترفًا، وليست تقليدًا, وإنما هو أمل أرجو من ورائه إحياء الروح الإسلامية في الإنسان ليتحرك نحو الله، ملتزمًا بمنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخرج الأمة من التيه، وتنقذ نفسها من المستنقع الذي وضعت نفسها فيه, وتبدأ من جديد حياة المجد والكرامة التي جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحقيقها في عالم الحياة.
إن الإنسان المسلم مسئول عن إسلامه وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم وسوف يجد كل نفسه أمام سؤال لا بد منه فلا تنفع فيه الحيل، ولا يصح معه الكذب أو السكوت، وهذا