الناس فإن الناس يكثرون وتقل الأنصار حتى يكونوا كالملح للطعام، فمن ولي منكم أمرًا يضر فيه أحدًا أو ينفعه، فليقبل من محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم" 1.
وعن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مات وأبو بكر بالسنح، حيث كان مسكنه بالعالية، فقام عمر يقول: والله ما مات رسول الله، ولكنه ذهب لملاقاة ربه، كما ذهب موسى عليه السلام لملاقاة ربه أربعين يومًا وسيرجع والله ما كان في نفسي إلا ذلك وليبعثه الله فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم.
فجاء أبو بكر على فرس من منزله بالسنح حتى نزل فدخل المسجد، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة، فتيمم رسول الله وهو مغشى بثوب حبرة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه وقبله وبكى ثم قال: بأبي أنت وأمي طبت حيًا وميتًا والذي نفسي بيده لا يذيقك الله الموتتين أبدًا.
ثم خرج وعمر يكلم الناس فقال: اجلس يا عمر، فأبى عمر أن يجلس، فقال له أبو بكر: أيها الحالف على رسلك, فأقبل إليه الناس وتركوا عمر، فحمد أبو بكر الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فمن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُون} 2, وقال تعالى: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ} 3.
فأخذ الناس يبكون وقد تيقنوا موت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ابن عباس: والله لكأني بالناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الآية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشرًا من الناس إلا يتلوها.
وقال عمر: والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعقرت حتى ما تقلني رجلاي وحتى هويت إلى الأرض حين سمعته تلاها، وعلمت أن رسول الله قد مات4.