للحصول على مصلحة دنيوية عاجلة، وهي البحث عن الاستقرار، والأمن، وتحقيق الصلح فيما بينهم، ووضع نهاية للحرب التي دامت طويلا.
لا نتصور ذلك لأن البيعة كانت على الجهاد والحرب، وهذا يعني بداية النزاع مع الوثنين في الجزيرة العربية كلها، وعلى رأسهم قريش، وبذلك اتسع الصراع وتشعب وبعدما كان بين الأوس والخزرج صار بين أهل المدينة وبين مشركي الجزيرة كلها، وعلى رأسهم القرشيون، والأعراب، وأهل البوادي بعدما كان منحصرًا بين الأوس والخزرج.
وأيضًا فإن أهل المدينة بايعوا الرسول صلى الله عليه وسلم فريقًا واحدًا، بصوت واحد، وعلى بنود واحدة، بلا أدنى تنافس بينهم.
ولم يتحدث التاريخ أن قبيلة الأوس وهي القليلة العدد، الضعيفة القوة كانت هي الأسرع إلى الإسلام لضعفها.
ولم يتحدث التاريخ أن قبيلة الخزرج ... وهي الكثيرة العدد كانت هي الأبطأ في اعتناق الإسلام لقوتها.
لم يتحدث التاريخ عن هذا ولا ذاك، وإنما كان الخزرج هم الأسرع إلى الإسلام قبل الأوس، مما يدل على أن إسلام أهل المدينة كان يقينًا صادقًا مع الله تعالى قائمًا على الرضى والاقتناع.
ولم يكن هدف أهل المدينة تثبيت سلطانهم، والمحافظة على رئاستهم ... لأن الذي حدث بعد الهجرة يشير إلى غير ذلك؛ لأن أهل المدينة أسلموا أمرهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتصرفون في المدينة لأنهم أصحاب الحق في إدارة المدينة، وأصحاب الكلمة العليا بها، وكثيرًا ما كانت الإدارة والقيادة للمهاجرين بلا اعتراض من الأنصار.
إن إيمان أهل المدينة "الأوس والخزرج" كان بعد اقتناعهم بالإسلام، وتقبلهم لمبادئه، وإيمانًا منهم بأنه هو الطريق الصحيح لتحقيق سعادة الدنيا والآخرة، ونشر الخير بين الناس بمنهج الله تعالى.