قبل الأغنياء والأقوياء وأنصفت أصحاب الحقوق من المعتدين، وحررت مسارات الحياة من أي غلو، أو عدوان، أو إهمال، أو تفريط.
إن أمة الإسلام التي رباها رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النموذج الأسوة فقد بلغت الأوج وتميزت بكرم الخلق، وحسن المعاملة ونبل الهدف, مع التخلص التام من عنصرية الجاهلية، وعدوانية الظلم والضلال، والبعد المطلق عن الأنانية، والأثرة، والكبرياء والتعالي.
لقد حققت أمة الإسلام في مدة وجيزة ما يعجز عن تحقيقه الآخرون في مئات السنين.
لقد أوجدت على أرض الواقع العدل العام، وأسست قوة الخير والسلام، وحققت عمليًا التوازن الدقيق بين المسئولية والجزاء، والتناغم الجميل بين الحقوق والواجبات، كل ذلك وغيره بتعاليم الله تعالى التي قدمت الإسلام هدية لإسعاد العالمين.
لقد شهد الواقع بما قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث دخل الناس في الإسلام، وزالت دولة الفرس والروم، ولم يتمكن أحد من الأعداء أن يتهم محمدا صلى الله عليه وسلم بأنه ظلم إنسانًا، أو ضيع حقوقًا، أو هان ضعيفًا، أو فرط في إصلاح.
لقد حرك صلى الله عليه وسلم أناسًا نائمين، ووضع في قلوبهم سر الحركة والنشاط، حتى صنع منهم الأمة الإسلامية العظيمة التي تصون حقوق رعاياها، وتحسن تعاملها مع غيرها.
والمسلمون اليوم عليهم أن يعودوا للسيرة الذاتية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ليتشبهوا بها، ويقتدوا بمسلكها لأن هذا الاقتداء واجب شرعًا، وبخاصة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه صناعة ربانية فقد نشأ وتربى، وعاش كسائر البشر.
رأيناه صلى الله عليه وسلم يتيمًا، فقيرًا، عالة ... وشاهدناه يتاجر ويعمل للناس راعيًا. ووقفنا على حياته صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وأبنائه، وإخوانه, وعلمنا كيف نومه وأكله وشربه, كل ذلك عشناه معه وتأكدنا من صدق روايته مما يؤكد أن الاتباع والاقتداء أمر سهل ممكن لمن أراد أن يكون إنسانًا كاملا يعمل للدنيا وللآخرة معًا, يقول الله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} 1.