وكان قريبا من البلاط الأموي، إلا أنه كان شديد البغض للإسلام والمسلمين، ولعله أول من بدأ في التشكيك في الإسلام، وهز صورة النبي صلّى الله عليه وسلم والإساءة إليه، فقد لقن أنصاره قصصا وأخبارا ملفقة ومزورة عن النبي صلّى الله عليه وسلم، وروجوها على نطاق واسع حتى وجدت طريقها إلى كتب التفسير، وبصفة خاصة زواج النبي صلّى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش بعد أن طلقها زيد بن حارثة رضي الله عنه، فقد زعموا- زورا وبهتانا- أن ذلك الزواج كان وراءه قصة عشق بين النبي صلّى الله عليه وسلم وبين زينب (?) كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً [الكهف: 5] .
وهذه الفرية التي ابتدعها ولفقها ذلك النصراني الحاقد راجت للأسف الشديد، وقبلها مفسر كبير كابن جرير الطبري، وتناقلها عنه غيره، فكانت أعظم فرية افتريت على رسول الله صلّى الله عليه وسلم، وتجافي تماما خلقه، وما طبع عليه من الطهر والعفة، ولم يثبت في الصحاح شيء من هذا، ولم ينقل عن أحد من الصحابة بطريق مقبول، وهذا الذي لفقه يوحنا الدمشقي صورة مصغرة من تلفيقات رجال اللاهوت المسيحي لتقويض أسس العقيدة الإسلامية، فالسلطات الكنسية شرعت منذ وقت مبكر تهاجم بالجدل والمناظرات أسس العقيدة الإسلامية بأسلحة فكرية عن طريق انتشار الثقافات، بما تحمله من الدس والشبهات، والثقافات في الحقيقة تغزو المجتمعات، وقد يكون غزوها أشد فتكا من غزو الجيوش العسكرية.
يقول المستشرق الفرنسي ألفريد غيوم- في مقال له بعنوان «الفلسفة وعلم الكلام» : «وبمرور الزمن أسلم الكثير من اليهود والنصارى تخلصا من الجزية التي كانت تجبى من الموحدين، من أهل الكتاب من غير المسلمين، فهؤلاء الذين دخلوا كنف الدين- الإسلامي- حملوا معهم ثقافة الإمبراطورية البيزنطية، وثقافة اليونان، وهذه الانشقاقات الواسعة أفزعت السلطات الكنسية، فشرعت تهاجم بالجدل والمناظرات أسس العقيدة الإسلامية» .
ثم يستطرد قائلا: «فالقديس يوحنا الدمشقي كان يستطيع أثناء مناظراته إفحام مناظريه المسلمين ببراهين ثابتة مطواعة.... كان يوحنا وأمثاله يجادلون بحرارة شديدة، ويستدلون بالإسرائيليات، فإذا وجدوا الفرصة سانحة دسوا ما يريدون دسه على المسلمين، وربما اتخذوا من الروايات الإسرائيلية التي تقول: إن داود