الطب والهندسة والكيمياء والفيزياء والفلك والرياضيات والفلسفة ... إلخ تقول الدكتورة سيجريد هونكه (?) : «إن ما قام به العرب لهو عمل إنقاذي له مغزاه الكبير في تاريخ العالم، وإن حضارة قد هوت وتحطمت، وكانت على وشك الفناء أمام أعين خالقيها، الذين صار لهم الآن هدف آخر يسعون إليه، ولا يمت لهذا العالم بصلة، فما بقي من هذه الحضارة يجب أن تشكر عليه البشرية اليوم العرب وحبهم للعلم» ا. هـ.

ولقد أخذ العباسيون حقهم من الاعتراف والإشادة بعملهم العظيم في خدمة الحضارة الإنسانية بما ترجموا وبما ابتكر العلماء وأضافوا وبما صححوا من أخطاء السابقين ونقحوا، غير أن الأمويين لم يأخذوا حقهم في هذا المجال إلى الآن؛ لأن ما قاموا به من الحفاظ على التراث الحضاري الإنساني القديم وصيانته من الضياع لا يقل أبدا عما قام به العباسيون. لقد فتح الأمويون مناطق كثيرة في قارات العالم القديم- آسيا وإفريقيا وأوربا- وامتدت دولتهم من حدود الصين شرقا إلى شبه جزيرة أيبيريا غربا ومن آسيا الوسطى شمالا إلى المحيط الهندي جنوبا- كما سبقت الإشارة- وهذه المساحة الشاسعة من الأرض كانت تحتوي على الكنوز الحضارية التي تركتها الأمم القديمة، مثل الهنود والصينيين والفرس واليونانيين والرومان والمصريين ... إلخ. فماذا صنع الأمويون بهذا التراث الحضاري العظيم خلال ما يقرب من قرن من الزمان؟ لقد حافظوا عليه وصانوه صيانة كاملة فلم تمتد إليه يد التخريب والتدمير، ولم يسجل التاريخ حادثة واحدة أقدم فيها المسلمون خلال العصر الأموي على المساس عمدا بأي أثر حضاري (?) ، رغم كثرة الحروب سواء مع غير المسلمين أو مع الثائرين عليهم من المسلمين الشيعة والخوارج والطامعين في الحكم من أمثال المختار بن أبي عبيد الثقفي وعبد الرحمن بن محمد بن الأشعث ويزيد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015