كتب ابن عباس، مما يدل على أن التدوين قد بدأ مبكرا، غير أن معظم مدونات الفترة الأولى قد ضاعت، وقد توفي موسى بن عقبة (سنة 141 هـ) .
من رجال الطبقة الثالثة البارزين من كتّاب السير والمغازي، وهو مولى من الموالي وكان من أهل الكوفة، كما يقول ابن النديم (?) ، ثم رحل إلى البصرة ثم اليمن، وظل ينتقل بين هذه البلاد، يتلقى العلم عن الشيوخ، وكان أبرز شيوخه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وكان هو من أنبل وأنجب تلاميذ الزهري- بعد ابن إسحاق- ولذلك فأكثر ما يرويه معمر عن السير والمغازي ينسبه إلى شيخه الإمام الزهري، وكان يتحلى بخلق كريم، وصفات حميدة كثيرة، يقول عنه ابن سعد:
«كان معمر رجلا له حلم ومروءة ونبل في نفسه» (?) .
كما كان واسع العلم بالحديث والسير والمغازي، وإن كان ابن النديم في الفهرست لم ينسب له سوى كتاب واحد في المغازي، فقد قال عنه: «معمر بن راشد من أهل الكوفة، يروي عنه عبد الرزاق، من أصحاب السير والأحداث، وله من الكتب: كتاب المغازي» (?) . وحتى هذا الكتاب لم يصل إلينا، وإنما وصلنا منه مقتطفات في الواقدي وابن سعد والبلاذري والطبري. وكانت وفاته (سنة 150 هـ) أو (152 هـ) (?) .
إذا نحن وصلنا إلى ابن إسحاق فقد وصلنا إلى إمام الأئمة وأكبر علماء السير والمغازي على الإطلاق، وفي كل العصور، ومن عليه كان اعتماد كل من كتب في السيرة النبوية ومغازي الرسول صلّى الله عليه وسلم ممن جاؤوا بعده.
فهو فارس هذا الميدان دون منازع، لقد شهد له بذلك جمع من العلماء، منهم أستاذه محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، حيث قال: «من أراد المغازي فعليه