أوائل علماء السيرة من هم على صلة قريبة ووثيقة ببيت النبي صلّى الله عليه وسلم مثل عروة بن الزبير بن العوام، فأمه أسماء بنت الصديق رضي الله عنهما وخالته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فتتلمذ عليها ونقل عنها أخبارا كثيرة عن حياة النبي وسيرته. وقد قسم العلماء كتاب السيرة النبوية والمؤلفين فيها إلى طبقات، والطبقة في اصطلاح المحدثين: هم جماعة تقاربوا في السن، واجتمعوا في لقاء الشيوخ.
هو ابن الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه ولد في المدينة المنورة حوالي سنة عشرين للهجرة، وتوفي فيها في خلافة يزيد بن عبد الملك بن مروان (101- 105 هـ) على أرجح الأقوال، وقد نشأ أبان في كنف أبيه، الخليفة الراشد، أحد السابقين إلى الإسلام والمبشرين بالجنة، والذي كانت تستحي منه الملائكة كما أخبر الصادق الأمين صلّى الله عليه وسلم فهو من كبار الصحابة وفضلائهم، وبيته من أصلح وأطهر البيوت، في أصلح وأطهر بيئة على وجه الأرض في ذلك الزمان، وهي بيئة المدينة المنورة، في هذا الجو وتلك البيئة وذلك البيت- حيث الصلاح والتقى- نشأ أبان وتعلم، حتى أصبح من كبار فقهاء المدينة المعدودين والمشهورين.
ومن أعلام رواة الحديث الشريف. فقد روى عن أبيه رضي الله عنه وغيره من كبار الصحابة. كما تتلمذ على يديه كثيرون من كبار المحدثين والفقهاء، أمثال محمد ابن مسلم بن شهاب الزهري، أستاذ إمام المؤلفين في السيرة النبوية وعمدتهم محمد ابن إسحاق بن يسار المطلبي.
ولقد اشتهر أبان بن عثمان بالمغازي والسير- فوق شهرته في الفقه والحديث- حتى أصبح من أساتذة هذا الفن الحائزين على ثقة العلماء فقد قال ابن سعد في الطبقات، وهو يترجم للمغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، قال عنه: «كان ثقة قليل الحديث، إلا مغازي رسول الله صلّى الله عليه وسلم أخذها عن أبان بن عثمان» (?) .
فهذا الخبر على وجازته يؤكد أستاذية أبان بن عثمان في المغازي والسير، فقد