قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب: 4] . وإنّ للمسلم من إيمانه مولّدا حيا، ومنبعا للوعي، ومجددا للتوبة، في التوجه إلى الله رب العالمين، وتغيير المنكر وإنكاره، ولو بالقلب، الذي هو أضعف الإيمان. فأين نضع ما هو أدنى من ذلك؟ وهل وراءه من إيمان حبة خردل؟ والرسول صلّى الله عليه وسلّم يقول:
«والذي نفسي بيده! لتأمرنّ بالمعروف ولتنهونّ عن المنكر، أو ليسلّطنّ الله عليكم ذلّا لا يرفعه حتى تعودوا إلى دينكم» (?) . ويقول صلّى الله عليه وسلّم في حديث آخر: «وليقذفنّ الله في قلوبكم المهابة من صدور أعدائكم، ويقذف في قلوبكم الوهن» قالوا: وما الوهن يا رسول الله؟ قال: «حب الدنيا وكراهية الموت» (?) .
فهذه النوعية من الناس حاملة الإيمان، ورافعة راية القرآن، مستعدة للتضحية من أجل الإسلام، بالمال والفلذ والنفس والأهل والولد، في كل الأحوال، وعلى طول الزمان، تتوارثه الأمة الإسلامية جيلا بعد جيل.
وحين ظهر عقم مكة عن احتضان هذه الدعوة- بعد تلك السنين- هيأ الله لدعوته مستقرا جديدا، فكانت البيعات الثلاث- لأهل المدينة- المعروفة التي بايع فيها مجموعة من أهل المدينة في السنة الثالثة عشرة من النبوة، على طاعة الله ورسوله والموت في سبيله.
فكانت بيعة على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وقول الحق، وعدم الخوف في الله