كل ذلك؛ لأنه امتلأ بالإسلام، واتصل بالله، مصدر العزة والقوة والهداية وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ [المنافقون:
8] .
كان ابن حذافة عالي الهامة، مشدود القامة، تملأ نفسه معاني الإيمان، وتعليه حياة وكلمات الإسلام، ورفض أن يسلّم الرسالة إلّا لكسرى نفسه، يدا بيد، تنفيذا لأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم، إلى كسرى نفسه؛ الذي أبى أولا، كبرياء وجهالة، إلا بوسيط، لكنه استجاب أمام الإصرار.
وما أن قرئت له سطورها الأولى حتى غضب واستشاط، لكنه استمعها كاملة، ومزّق رسالة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم راميا إياها في وجه ابن حذافة، وأسمعه كلمات التهديد والوعيد الأجوف الأضعف المنهوك (?) .
وعاد ابن حذافة مسرعا إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يحمل هذا الخبر، فلم يزد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن قال: «مزّق الله ملكه» . وفي رواية: «اللهم مزّق ملكه» (?) .
هذا مشهد من مشاهد تلك الحادثة، لكن المشهد الثاني فيها يبهرك ويبدهك ويفجؤك، ذلك أنّ كسرى بطغيانه وضلاله وجاهليته لم ير أنه من الممكن أن يدعوه أحد إلى حقّ، أو يسمعه كلمة العدل، أو يقدم له صيغة أو