ولعله بسيرته- المفقودة أكثرها- يعتبر من أول المؤلفين في السيرة النبوية الشريفة في الإسلام، يقول: (في علم السيرة علم الدنيا والآخرة) (?) ، جعلها علما قائما بذاته.
وهكذا هذه الكلمات كانت تعبيرا عن حقائق قائمة، ورثت تنفيذها وتطبيقها الأجيال التالية التي جعلت مكتبة السيرة النبوية عامرة مثل مكتبة السنة المطهرة، وكلاهما يتعانقان ويتداخلان. لقد كان هذا الاهتمام بالغا وشاملا ومتواصلا لأنه عبادة وللعبادة، ولمعرفة الإسلام كافة، بتطبيقاته العملية في الحياة بكل ميادينها وأمورها ومراميها.
فالصحابة مثلما لم تتغير مستوياتهم بل تأكدت وتثبتت واجتهدت، يتبعه ونبع منه أنه لم يتغير تحريهم وتعلقهم ونوعيتهم وآفاقهم.
وانظر ما فعله عقبة بن عامر الجهني (?) (58 هـ 678 م) الذي رحل من المدينة المنورة إلى مصر ليتحقق من أحدهم حديثا عنده من رسول الله صلّى الله عليه وسلم، فأتى واليها مسلمة (?) . فلما دعاه للراحة، قال لمسلمة: إني لم آتك زائرا، جئتك لحاجة، أتذكر يوم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم (سمعته أنا وأنت) : «من علم