وكلمة التوحيد خير ما قاله الرسول الكريم صلّى الله عليه وسلّم والأنبياء- عليهم السلام- قبله (?) ، وذلك أساس دعوة الإسلام ودعوات الأنبياء. وكان صلّى الله عليه وسلّم في العهد المكي يلاقي الناس ويلتقي في أسواقهم وهو ينادي بهم ويقول: «يا أيها الناس قولوا: لا إله إلّا الله تفلحوا» (?) .
وهذه المواجهة الصريحة المعلنة كانت في أشد ما يكرهون، لكنها النبوة والرسالة الحقة، وهي من أدلتها ومستلزماتها وأصولها ومقوماتها التي لا تصح بدونها، ولا يقبل الله عملا إلا بها.
ولقد صدق المسلمون في حملها واستعدوا لأعبائها وأخذوا بالعزيمة، بالإيمان بها. وإن علموا الرخصة في ذلك بشروطها وضرورتها، والله تعالى يقول: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ [النحل: 106] .
وقد أتاح لهم ذلك لكنهم أخذوا بالعزيمة. وهذا بلال (?) العبد الحبشي- الذي أعتقه فيما بعد أبو بكر الصديق، والذي قال فيه عمر بن الخطاب:
(أبو بكر سيدنا وأعتق سيّدنا) (?) - كان عبدا لأمية بن خلف يعذبه تعذيبا يفري صاحبه، وكان بإمكانه أن ينجو من ذلك بكلمة يقولها بفمه، إرضاء لقريش، لكنه على العكس كان يكرر دوما- وهم يعذبونه- ويصرخ بها في