ومن هنا فإن الحياة الإسلامية، لا سيما مجتمع الصحابة الكرام، ملئ بالعزائم الغالية، موار بالعظمات العاليات. دعائمه ذلك البناء الرصين، قام على شرع الله المبين، قدوتهم ومربيهم محمد صلّى الله عليه وسلّم الذي اختاره الله تعالى لتولي هذه المهمة، أدّبه ورباه وأعدّه، فهو يعلمه ويوحي إليه ويوجهه (?) .
وحتى وقت الشدائد والمازق، قلّ جدا وندر- حتى بعد عهد الصحابة الكرام- من أخذ منهم بالرخصة. فكلهم كانوا يأخذون بالعزيمة- رغم وجود الرخصة- وذلك من شدة حبهم لله تعالى ولرسوله الكريم صلّى الله عليه وسلم، ذلك الحب الرائق المترقرق والاقتناع البليغ المتدفق والحيوية الفعالة، في ذلك الحب الذي أخذ بهم إلى تلك الآفاق وأجلسهم أو أوقفهم على تلك القمم. وهم يسعون للارتقاء في مسعاهم طبيعة، لرضا الله تعالى والقرب منه، وهم طليعة البشرية ورواد الحياة السعيدة الفريدة، مقتدين بالرسول الكريم ومهتدين بهديه صلّى الله عليه وسلم.
وقد فهموا معنى قوله صلّى الله عليه وسلم: «إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن