وقال أيضا عند الوفاة: (لقد طلبت القتل مظانّه فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي. وما من عملي شيء أرجى عندي بعد التوحيد من ليلة بتّها وأنا متترّس، والسماء تهلّني ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار. ثم قال:
إذا متّ، فانظروا إلى سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله) (?) .
انظر إلى هذا التحول العجيب، فبعد ذلك العداء المتناهي يصبح لا همّ له في حياته إلا خدمة هذا الدين؛ الذي غدا عنده أغلى من حياته، وخير ما يفرحه خدمته والعمل له وبه والجهاد بكل الطاقة الإيمانية الجديدة في سبيل الله بل أصبح يتبرك حتى بشعر من رسول الله صلّى الله عليه وسلم. وذلك أن أبا سليمان خالد بن الوليد افتقد يوم اليرموك قلنسوته (?) ، فبحثوا عنها فلم يجدوها.
واستمر البحث حتى وجدوها، فإذا هي خلقة (خلقة بالية) فقال:
(اعتمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في حجة الوداع فحلق رأسه فابتدر الناس شعره فسبقتهم إلى ناصيته الكريمة الشريفة فجعلتها في هذه القلنسوة، فلم أشهد قتالا وهي معي إلا رزقت النصر) (?) .