المال من أيّ وجه، ثمّ إنفاقه في التّرف، وقد أمعنوا في طرق التسلية، حتى وصلوا فيها إلى الوحشيّة (?) .
جاء في كتاب «الحضارة ماضيها وحاضرها» تصوير لما كان عليه المجتمع البيزنطيّ من التناقض والاضطراب والهيام بالتمتّع والتسلية، وإنّ وصلت إلى حد القسوة والهمجيّة، فيقول المؤلّفان الفاضلان:
«كان هناك تناقض هائل في الحياة الاجتماعيّة للبيزنطيّين، فقد رسخت النزعة الدينية في أذهانهم، وعمّت الرهبانية، وشاعت في طول البلاد وعرضها، وأصبح الرجل العاديّ في البلاد يتدخّل في الأبحاث الدينية العميقة، والجدل البيزنطيّ، ويتشاغل بها.
كما طبعت الحياة العادية العامة بطابع المذهب الباطنيّ، ولكن نرى هؤلاء- في جانب آخر- حريصين أشدّ الحرص على كلّ نوع من أنواع اللهو واللعب، والطّرب والترف، فقد كانت هناك ميادين رياضيّة واسعة تتّسع لجلوس ثمانين ألف شخص، يتفرّجون فيها على مصارعات بين الرّجال والرّجال أحيانا، وبين الرّجال والسّباع أحيانا أخرى.
وكانوا يقسّمون الجماهير في لونين: لون أزرق ولون أخضر، لقد كانوا يحبّون الجمال، ويعشقون العنف والهمجيّة، وكانت ألعابهم دمويّة ضارية أكثر الأحيان، وكانت عقوباتهم فظيعة تقشعرّ منها الجلود.
وكانت حياة سادتهم وكبرائهم عبارة عن المجون والترف، والمؤامرات والمجاملات الزائدة، والقبائح والعادات السيئة» (?) .