* قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر: 53] .

وأكثر من ذلك وأروع ما نجد في الآية التالية، حيث ذكر الله سبحانه جماعات مختلفة من عباده الصالحين، فاستهلّ هذه القائمة المشرقة النورانيّة بالتائبين، إنّها آية من سورة «التوبة» [112] :

التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ.

هذا التكريم وتبرئة العبد التائب من ذنبه، وإظهار الثقة به تجلّى واضحا حين أعلن القرآن قبول توبة ثلاثة من أصحاب النّبيّ صلى الله عليه وسلم الذين تخلفوا عن غزوة تبوك (?) من غير عذر صحيح مقبول، وبقوا في المدينة، فبدأ القرآن بذكر النّبيّ صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار، الذين لم يتخلفوا عن هذه الغزوة، ثمّ ثنّى بهؤلاء الثلاثة الذي تخلّفوا، حتّى لا يشعر هؤلاء المخلّفون بإفرادهم بالتوبة ويكونوا بمعزل عن الشعور بالهوان، وما يسمّى في علم النفس «بمركب النقص» ، ويتّضح للمؤمنين إلى يوم القيامة أن مكانتهم الطبيعيّة في الصف الأول من الصادقين الأولين من المهاجرين والأنصار، فلا داعي للاستحياء، ولا مكان للعار.

هل هناك مثال أروع وأجمل، وأدقّ وأعمق، وأحلى وأزهى لقبول التوبة، وتكريم التائب، ومسح غاشية الكابة عنه بلطف وودّ، وحبّ وحنوّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015