وتكلّم أحد التلاميذ، فقال: ولكنّك لا بدّ درست الأقليدس والجبر والمقابلة!

قال: وهذا أغرب، وتصدّقون أنّي أوّل مرّة أسمع هذه الأسماء الهائلة الغريبة.

وتكلّم ثالث «شاطر» فقال: ولكنّي متأكّد من أنّك درست الجغرافية والتاريخ؟

فقال: هل هما اسمان لبلدين، أو علمان لشخصين؟

وهنا لم يملك الشباب نفوسهم المرحة، وعلا صوتهم بالقهقهة، وقالوا: ما سنّك يا عمّ؟

قال: أنا في الأربعين من سنّي.

قالوا: ضيّعت نصف عمرك يا عمّنا.

وسكت الملّاح الأمّيّ على غصص ومضض، وبقي ينتظر دوره والزمان دوّار.

وهاج البحر وماج، وارتفعت الأمواج، وبدأت السفينة تضطرب والأمواج فاغرة أفواهها لتبتلعها، واضطرب الشباب في السفينة- وكانت أوّل تجربتهم في البحر- وأشرفت السفينة على الغرق.

وجاء دور الملّاح الأميّ، فقال في هدوء ووقار: ما هي العلوم التي درستموها يا شباب؟

وبدأ الشباب يتلون قائمة طويلة للعلوم والآداب التي درسوها في الكليّة، ويتوسّعون فيها في الجامعة، من غير أن يفطنوا لغرض الملّاح الجاهل، الحكيم، ولمّا انتهوا من عدّ العلوم المرعبة أسماؤها، قال في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015