حيث لا تشعر، فلمّا رجعت إلى الرّحل فقدت العقد فذهبت تبحث عنه وقد أخذ الناس في الرحيل، فجاء القوم الذين كانوا يرحّلون لها البعير، فأخذوا الهودج، وهم يظنّون أنّها فيه، وكانت فتاة صغيرة السنّ، خفيفة اللحم، فلم ينتبهوا لخفّتها، ولم يشكّوا أنّها فيه، ورجعت عائشة إلى العسكر وما فيه داع ولا مجيب، وقد انطلق الناس، فتلففت بجلبابها، واضطجعت في مكانها.

وبينما هي كذلك إذ مرّ بها صفوان بن المعطّل السّلمي، وقد كان تخلّف عن العسكر لبعض حاجته، فلمّا رآها استرجع، وقال: ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قرّب البعير واستأخر، فركبت وأخذ برأس البعير، وانطلق سريعا يطلب الناس فأدركهم، وقد نزلوا، ولحقت بالركب، فلم يرع الناس شيء، فكان مما ألفوه في حياة البادية ومسير القوافل، وكان حفظ الذمار والتعفف عن مثل هذه الخسائس، من الأعراف العربية التي كانوا يحافظون عليها في الجاهليّة والإسلام (?) ، فيقول الشاعر الجاهليّ: [من الكامل]

وأغضّ طرفي إن بدت لي جارتي ... حتى يواري جارتي مأواها (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015