ولكنّ حييّ بن أخطب اليهوديّ- سيّد بني النضير- نجح في حمل بني قريظة على نقض العهد، وممالأة قريش، بعد ما قال سيدهم كعب بن أسد القرظيّ: لم أر من محمد إلا صدقا ووفاء، ونقض كعب بن أسد عهده، وبرىء مما كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ولمّا انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر نقضهم للعهد، بعث سعد بن معاذ رضي الله عنه- سيد الأوس- وهم حلفاء بني قريظة- وسعد بن عبادة- سيّد الخزرج- في رجال من الأنصار، ليتحقّقوا الخبر، فوجدوهم على شرّ مما بلغهم عنهم، ونالوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: من رسول الله؟ لا عهد بيننا وبين محمد ولا عقد (?) .
وبدؤوا بالفعل في الاستعداد للهجوم على المسلمين، وهكذا حاولوا طعن جيش المسلمين من الخلف (?) ، وكان ذلك أشدّ وأنكى من الهجوم السافر والحرب في الميدان، وذلك قوله تعالى: إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ [الأحزاب: 10] .
واشتدّ ذلك على المسلمين، حتّى قال سعد بن معاذ- وكان من أولى الناس بالحدب عليهم، يحنو عليهم في كلّ ما يلمّ بهم- لما أصابه السهم في غزوة الخندق، فقطع منه الأكحل، وأيقن بالموت-: «اللهمّ! لا تمتني