إلى الكعبة، وكان المسلمون العرب- وقد رضعوا لبان حبّ الكعبة وتعظيمها، وامتزج ذلك بلحومهم ودمائهم- لا يعدلون بالكعبة بيتا، ولا بقبلة إبراهيم وإسماعيل قبلة، وكانوا يحبّون أن يصرفوا إلى الكعبة، وكان في جعل القبلة إلى بيت المقدس محنة للمسلمين، ولكنّهم قالوا: «سمعنا وأطعنا» وقالوا: «آمنّا به كلّ من عند ربنا» فلم يكونوا يعرفون إلا الطاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم والخضوع لأوامر الله، وافقت هواهم أم لم توافقها، واتفقت مع عاداتهم أم لم تتّفق.

فلما امتحن الله قلوبهم للتقوى واستسلامهم لأمر الله، صرف رسوله والمسلمين إلى الكعبة (?) ؛ يقول القرآن:

وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَما جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْها إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلى عَقِبَيْهِ وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ [البقرة: 143] .

وانصرف المسلمون إلى الكعبة مطيعين لله ولرسوله، وصارت قبلة المسلمين إلى يوم القيامة أينما كانوا ولّوا وجوههم شطرها (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015