فجاءهم الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم وهم على ذلك، فلمّا انصرف قومه عنه إلى الإسلام، ضغن (?) ، ورأى أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استلبه ملكا، فلمّا رأى قومه قد أبوا إلّا الإسلام دخل فيه كارها، مصرّا على نفاق وضغن» (?) .
وعادى الإسلام كلّ من كان في قلبه مرض، وفي السيادة طمع، وضاق ذرعا بهذا الدّين الزاحف، الذي هدم كلّ ما بناه، ونقض كلّ ما أبرمه، وجعل للمدينة شأنا غير الشأن، ومن المهاجرين والأنصار أمة جديدة، ألّف بين قلوبها، وبذلت نفوسها دون الرسول، وقدّمت محبّته على محبة الآباء والأبناء والأزواج، فامتلأت قلوب هؤلاء المنافقين غيظا وحسدا، فصاروا يكيدون له، ويتربّصون به الدوائر، ويقلّبون له الأمور، وتكونت في المدينة جبهة معادية، متسرّبة في المجتمع الإسلاميّ، وكان على المسلمين أن يكونوا منها على حذر دائما، فقد تكون أشدّ خطرا على الإسلام والمسلمين من الأعداء المجاهرين، ومن هنا زخر القرآن بذكرهم وإزاحة السّتار عنهم، وكان لهم مع الإسلام وللإسلام معهم شأن، ويتردّد ذكرهم في كتب السيرة، وفي هذا الكتاب.
وبدت طلائع عداء اليهود للإسلام بعد ما كان موقفهم موقف الحياد من المسلمين والمشركين من أهل مكة والمدينة، وربّما كانوا أميل إلى الإسلام