ولكي نأخذ صورة إجمالية صحيحة عن مدينة (يثرب) - التي اختارها الله دار هجرة للرّسول، ومنطلق الدعوة الإسلامية في العالم، ومهد أوّل مجتمع إسلاميّ يقوم بعد ظهور الإسلام- يجب أن نعرف وضعها المدنيّ، والاجتماعيّ، والاقتصاديّ، وصلة القبائل المقيمة فيها، بعضها ببعض، ومركز اليهود فيها، الاجتماعيّ، والاقتصاديّ، والحربيّ، والواقع الذي كانت تعيشه هذه المدينة الخصبة الغنية، التي التقت فيها ديانات، وثقافات، ومجتمعات مختلفة، بخلاف مكّة ذات الطبيعة الواحدة، والطابع الموحّد، والدين المشترك، وإلى القارىء بعض الأضواء.
اليهود:
المرجّح في ضوء التاريخ أنّ غالبية اليهود حلّوا بالجزيرة العربيّة بصفة عامة، ومدينة يثرب بصفة خاصة، في القرن الأول الميلاديّ، يقول الدكتور إسرائيل ولفنسون:
«بعد حرب اليهود والرّومان سنة 70 م التي انتهت بخراب بلاد فلسطين، وتدمير هيكل بيت المقدس، وتشتّت اليهود في أصقاع العالم، قصدت جموع كثيرة من اليهود بلاد العرب كما حدّثنا عن ذلك المؤرّخ اليهوديّ