ولمّا كان أهل الطائف أصحاب أملاك وبساتين، وثراء ورخاء، أورثهم كلّ ذلك الكبر والبطر، وجعلهم مصداقا لقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قالَ مُتْرَفُوها إِنَّا بِما أُرْسِلْتُمْ بِهِ كافِرُونَ (34) وَقالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوالًا وَأَوْلاداً وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ [سبأ: 34- 35] .

وانفردت ثقيف بالسيادة في الطائف، وأصبحت من أعظم القبائل العربيّة، التي يضرب بقوّتها وثروتها المثل، وكانت من قبائل العرب المستعربة أي العرب العدنانية.

وكانت بين ثقيف وقريش منافسة في مجال الدين، ورئاسة الأوثان وشعبيّتها، وكانت تنظر إلى وثنها (اللات) كمنافس لهبل، بل للكعبة، فأقامت حوله حرما، وأحاطته بنفس مظاهر التقديس وشعائر الدين، التي كانت مختصة بالكعبة.

وحين زحف أبرهة بجيشه إلى مكة انفردت ثقيف بموقف التأييد له، وبعثت معه أبا رغال دليلا للجيش على الطريق إلى مكة، وقد مات هذا الدليل في الطريق، وأبغضه العرب ورجموا قبره «1» .

وكان الثّقفيون أرغد العرب عيشا كما قال (ياقوت) ، وكان هواهم مع بني أمية، وقد التقوا على حبّ الثراء والجاه، والتوسّع في التجارة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قريش والأنصار حليفان، وبنو أميّة وثقيف حليفان» «2» .

وكان عروة بن مسعود- وهو سيّد ثقيف- زوج آمنة بنت أبي سفيان،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015