محاربة قريش لرسول الله- صلى الله عليه وسلم- وتفنّنهم في الإيذاء:

فلمّا لم تلق قريش نجاحا في صرف هؤلاء الفتيان الذين أسلموا، عن دينهم، ولم يلن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يحابهم، اشتدّ عليهم ذلك، فأغروا برسول الله صلى الله عليه وسلم سفهاءهم، فكذبوه وآذوه، ورموه بالسّحر والشّعر، والكهانة والجنون، وتفنّنوا في إيذاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهبوا فيه كلّ مذهب.

وكان أشرافهم مجتمعين يوما في الحجر (?) ، إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومرّ بهم طائفا بالبيت، فغمزوه ببعض القول، وعادوا بذلك ثلاث مرّات، فوقف ثمّ قال: أتسمعون يا معشر قريش؟، أما والذي نفسي بيده، لقد جئتكم بالذّبح، فأسكت القوم، فلا حراك بهم، وصاروا يلاطفونه بالقول.

فلمّا كان من الغد، وهم في مقامهم، طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا إليه وثبة رجل واحد، وأحاطوا به، وأخذ رجل منهم بمجمع ردائه، فقام أبو بكر- رضي الله عنه- دونه، وهو يبكي ويقول: أتقتلون رجلا أن يقول:

ربّي الله؟! فانصرفوا عنه، ورجع أبو بكر يومئذ وقد صدعوا فرق رأسه، وقد جرّوه بلحيته (?) .

وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فلم يلقه أحد من الناس، إلا كذّبه وآذاه،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015