«يا عمّ! والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري، على أن أترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو أهلك دونه، ما تركته» .
واستعبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى، ثمّ قام، فلمّا ولّى ناداه أبو طالب فقال:
أقبل يابن أخي! فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: اذهب يابن أخي فقل ما أحببت، فو الله لا أسلمك لشيء أبدا (?) .
ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو إلى الله، ويئست قريش منه ومن أبي طالب، ونزل غضبهم على من كان أسلم من أبناء قبائلهم، وليس لهم من يمنعهم.
فوثبت كلّ قبيلة على من فيهم من المسلمين، فجعلوا يحبسونهم ويعذبونهم بالضرب، والجوع، والعطش، وبرمضاء مكة إذا اشتدّ الحرّ.
وكان بلال الحبشيّ- وقد أسلم- يخرجه مولاه أميّة بن خلف، إذا حميت الظهيرة، فيطرحه على ظهره في بطحاء مكة، ثمّ يأمر بالصخرة العظيمة، فتوضع على صدره، ثمّ يقول له: لا والله لا تزال هكذا حتى تموت أو تكفر بمحمد، وتعبد اللّات والعزّى، فيقول- وهو في ذلك البلاء-: أحد، أحد (?) .
فمرّ به أبو بكر الصديق- رضي الله عنه- فأعطى أمية غلاما أسود أجلد منه، وأقوى، وأخذ منه بلالا وأعتقه (?) .