الشرف، حتّى آل الأمر إلى الحرب، وكانت تنشب في أهون من هذا بكثير في الجاهلية.
واستعدّوا للقتال، وقرّبت بنو عبد الدّار جفنة مملوءة دما، وتعاقدوا، هم وبنو عديّ، على الموت، وأدخلوا أيديهم في ذلك الدّم في تلك الجفنة. وكانت آية الموت والشرّ.
ومكثت قريش على ذلك أياما، ثمّ اتّفقوا على أنّ أول من يدخل من باب المسجد يقضي بينهم، فكان أول داخل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمّا رأوه قالوا:
هذا الأمين رضينا، هذا محمد.
ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب وأخذ الحجر، ووضعه فيه بيده، ثمّ قال:
«لتأخذ كلّ قبيلة بناحية من الثوب ثمّ ارفعوه جميعا» ففعلوا، حتّى إذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده، ثم بنى عليه (?) .
وهكذا درأ (?) رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب عن قريش، بحكمة ليست فوقها حكمة، وكانت مقدّمة درئه للحروب والشرور عن الشعوب والأمم بعد النبوّة، بحكمته، وتعاليمه، ورفقه، وتلطّفه في الأمور، والإصلاح بين الناس، فيكون رحمة للعالمين كما كان رحمة للمتخاصمين والمتحاربين في قوم بسطاء أمّيين.