لركام الروايات، ولا يغريه أحيانا التضخّم في المادة التاريخية، ومعروف أنّ السيرة قد عانت الكثير بمرور الزمن، من الإضافات في الخبر التاريخي، بموازاة ما كان يحدث في «الحديث» النبوي مما هو معروف، ومن ثم فإن أيّ محاولة لكتابة السيرة، أو إعادة كتابتها بشكل أدقّ، يتحتمّ أن تمارس اختيارا- مسؤولا بطبيعة الحال، وليس مجرّد هوى عشوائيّ- لخير ما قدمته المصادر القديمة عن السيرة من روايات موثقة أصلية، ولأحسن ما طرحته الدراسات الحديثة من تحاليل ومواقف واستنتاجات؛ قد تعين على إضاءة أشدّ تركيزا لموضوعات السيرة الخصبة المتشابكة، ولكن تبقى «المصادر الأولى الأصلية» الأساس الذي يقوم عليه البناء؛ لأنّ المادة الأولية التي يقام عليها الصرح موجودة هناك، ويكفي أن نلقي نظرة على قوائم المصادر التي اعتمدها المؤلف لكي يتبيّن لنا أنه لم يكد يترك مصدرا أساسيا إلّا ورجع إليه، وإن كان اعتماده المحوري كما هو واضح على «سيرة» ابن هشام و «زاد المعاد» لابن قيّم الجوزية، فضلا عن كتب «الصحاح» (?) .
3- أن تحقّق تطابقا مدروسا بين مفرداتها كافة، وبين ما جاء في القرآن الكريم والسنة الشريفة الموثقة، ذلك أنّ المصدرين الأخيرين يحملان الصدق المطلق في تعاملهما مع الواقعة التاريخية، سواء بالنسبة للمنظور الإسلامي، أو حتى بالنسبة للمنظور المنهجي العام الذي أخذ يدرك، أكثر فأكثر، مصداقية المعطى التاريخي للقرآن والسنة، وهذا يعني بالمقابل، رفض