رَوَاهُ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: حَدَّثَنَا أَبُو زُرْعَةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَطِيَّةَ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنِ الْبَرَاءِ، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّى نَحْوَ بَيْتِ الْمَقْدِسِ سِتَّةَ عَشَرَ، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَكَانَ يُحِبُّ أَنْ يُوَجَّهَ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ: " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا، فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ".
قَالَ: فَوجه نَحْو الْكَعْبَة.
قَالَ السُّفَهَاءُ مِنَ النَّاسِ، وَهُمُ الْيَهُودُ: مَا وَلَّاهُمْ عَنْ قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: " قُلْ لِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاط مُسْتَقِيم " * * * وَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُصَلِّي بِمَكَّةَ إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ وَالْكَعْبَةُ بَيْنَ يَدَيْهِ، كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ لَمْ يُمْكِنْهُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَهُمَا، فَصَلَّى إِلَى بَيْتِ الْمَقْدِسِ أَوَّلَ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَةَ وَاسْتَدْبَرَ الْكَعْبَةَ سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا، أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِلَى رَجَبٍ مِنَ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَكَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُحِبُّ أَنْ يصرف قِبْلَتُهُ نَحْوَ الْكَعْبَةِ، قِبْلَةِ إِبْرَاهِيمَ، وَكَانَ يُكْثِرُ الدُّعَاء والتضرع والابتهال إِلَى الله عزوجل، فَكَانَ مِمَّا يَرْفَعُ يَدَيْهِ وَطَرْفَهُ إِلَى السَّمَاءِ سَائِلًا ذَلِك فَأنْزل الله عزوجل: " قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ، فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " الْآيَةَ.
فَلَمَّا نَزَلَ الْأَمْرُ بِتَحْوِيلِ الْقِبْلَةِ خَطَبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمِينَ وَأَعْلَمَهُمْ بِذَلِكَ، كَمَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ وَقْتَ الظُّهْرِ.
وَقَالَ بَعْضُ النَّاسِ: نَزَلَ تَحْوِيلُهَا بَيْنَ الصَّلَاتَيْنِ.
قَالَهُ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ.