وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ، وَوَاقِدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْيَرْبُوعِيُّ حَلِيفٌ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ.
وَكَتَبَ لِابْنِ جحش كتابا وَأمره أَلا يَقْرَأَهُ حَتَّى يَنَزِلَ بَطْنَ مَلَلٍ، فَلَمَّا نَزَلَ بَطْنَ مَلَلٍ فَتَحَ الْكِتَابَ، فَإِذَا فِيهِ: أَنْ سِرْ حَتَّى تَنْزِلَ بَطْنَ نَخْلَةَ.
فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْمَوْتَ فَلْيَمْضِ وَلْيُوصِ، فَإِنَّنِي مُوصٍ وَمَاضٍ لِأَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَسَارَ، وَتَخَلَّفَ عَنْهُ سَعْدٌ وَعُتْبَةُ أَضَلَّا رَاحِلَةً لَهُمَا فَأَقَامَا يَطْلُبَانِهَا، وَسَارَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ حَتَّى نَزَلَ بَطْنَ نَخْلَةَ، فَإِذَا هُوَ بِالْحَكَمِ بْنِ كَيْسَانَ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ عُثْمَانَ وَعَبْدِ الله ابْن الْمُغِيرَةِ.
فَذَكَرَ قَتْلَ وَاقِدٍ لِعَمْرِو بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، وَرَجَعُوا بِالْغَنِيمَةِ وَالْأَسِيرَيْنِ، فَكَانَتْ أَوَّلَ غَنِيمَةٍ غَنِمَهَا الْمُسْلِمُونَ.
وَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا يَزْعُمُ أَنَّهُ يَتَّبِعُ طَاعَةَ اللَّهِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنِ اسْتَحَلَّ الشَّهْرَ الْحَرَامَ وَقَتَلَ صَاحِبَنَا فِي رَجَبٍ.
وَقَالَ الْمُسْلِمُونَ: إِنَّمَا قَتَلْنَاهُ فِي جُمَادَى.
قَالَ السُّدِّيُّ: وَكَانَ قَتْلُهُمْ لَهُ فِي أَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَآخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى الْآخِرَةِ.
* * * قُلْتُ: لَعَلَّ جُمَادَى كَانَ نَاقِصًا فَاعْتَقَدُوا بَقَاءَ الشَّهْرِ لَيْلَة الثَّلَاثِينَ، وَقد كَانَ الْهلَال رؤى تِلْكَ اللَّيْلَةَ.
فَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ ذَلِكَ كَانَ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ جُمَادَى، وَكَانَتْ أَوَّلَ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَمْ يَشْعُرُوا.
وَكَذَا تَقَدَّمَ فِي حَدِيثِ جُنْدُبٍ الَّذِي رَوَاهُ ابْنُ أَبَى حَاتِمٍ.
وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي سِيَاقِ ابْنِ إِسْحَاقَ أَنَّ ذَلِك كَانَ آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ، وَخَافُوا إِنْ لَمْ يَتَدَارَكُوا هَذِهِ الْغَنِيمَةَ وَيَنْتَهِزُوا هَذِهِ الْفُرْصَةَ دَخَلَ أُولَئِكَ فِي الْحرم فيعتذر عَلَيْهِمْ ذَلِكَ، فَأَقْدَمُوا عَلَيْهِمْ عَالِمِينِ بِذَلِكَ.