نَأْتِيك وقومنا، فَأَوْثَقَ لَهُمْ، فَأَسْلَمُوا.
قَالَ: فَبَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَجَبٍ وَلَا نَكُونُ مِائَةً، وَأَمَرَنَا أَنْ نُغِيرَ عَلَى حَيٍّ مِنْ بَنِي كِنَانَةَ إِلَى جَنْبِ جُهَيْنَةَ، فَأَغَرْنَا عَلَيْهِمْ وَكَانُوا كَثِيرًا فَلَجَأْنَا إِلَى جُهَيْنَةَ فَمَنَعُونَا وَقَالُوا: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ: مَا تَرَوْنَ؟ فَقَالَ بَعْضُنَا: نَأْتِي نبى الله فنخبره.
وَقَالَ قوم: لَا بل نُقِيم هَا هُنَا.
وَقُلْتُ أَنَا فِي أُنَاسٍ مَعِي: لَا بَلْ نأتى عير قُرَيْش فنقطعها.
وَكَانَ الفئ إِذْ ذَاكَ مَنْ أَخَذَ شَيْئًا فَهُوَ لَهُ.
فَانْطَلَقْنَا إِلَى الْعِيرِ وَانْطَلَقَ أَصْحَابُنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخْبَرُوهُ الْخَبَرَ فَقَامَ غَضْبَانَ مُحْمَرَّ الْوَجْهِ، فَقَالَ: " أَذَهَبْتُمْ مِنْ عِنْدِي جَمِيعًا وَرَجَعْتُمْ مُتَفَرِّقِينَ! إِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمُ الْفُرْقَةُ، لَأَبْعَثَنَّ عَلَيْكُمْ رَجُلًا لَيْسَ بِخَيْرِكُمْ أَصْبَرُكُمْ عَلَى الْجُوعِ وَالْعَطَشِ ".
فَبَعَثَ عَلَيْنَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ الْأَسَدِيَّ، فَكَانَ أَوَّلَ أَمِيرٍ فِي الْإِسْلَامِ.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ بِهِ نَحْوَهُ.
وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِمْ لِأَصْحَابِهِ: لِمَ تُقَاتِلُونَ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ؟ فَقَالُوا: نُقَاتِلُ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مَنْ أَخْرَجَنَا مِنَ الْبَلَدِ الْحَرَامِ.
ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنْ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ، عَنْ قُطْبَةَ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، فَذَكَرَ نَحْوَهُ فَأَدْخَلَ بَيْنَ سَعْدٍ وَزِيَادٍ قُطْبَةَ بْنَ مَالِكٍ
وَهَذَا أَنْسَبُ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ يقتضى أَن أول السَّرَايَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَحْشٍ الْأَسَدِيُّ، وَهُوَ خِلَافُ مَا ذَكَرَهُ ابْنُ إِسْحَاقَ أَنَّ أَوَّلَ الرَّايَاتِ عُقِدَتْ لِعُبَيْدَةَ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ الْمُطَّلِبِ، وللواقدي حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ أَوَّلَ الرَّايَاتِ عُقِدَتْ لِحَمْزَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.