فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ، فَوَقَفُوا فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنَ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقُلْتُ لَهُ: إِنْ قَوْمَكَ قَدْ جَعَلُوا فِيكَ الدِّيَةَ، وَأَخْبَرْتُهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ بِهِمْ، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الزَّادَ وَالْمَتَاعَ، فَلَمْ يَرْزَآنِي (?) وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَّا أَن قَالَا: أَخْفِ عَنَّا.
فَسَأَلْتُهُ أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمن، فَأمر عَامر بن فهَيْرَة فَكتب لى رُقْعَةٍ مَنْ أَدَمٍ.
ثُمَّ مَضَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
* * * وَقَدْ رَوَى مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَمِّهِ سُرَاقَةَ فَذَكَرَ هَذِهِ الْقِصَّةَ، إِلَّا أَنَّهُ ذَكَرَ أَنَّهُ اسْتَقْسَمَ بِالْأَزْلَامِ أَوَّلَ مَا خَرَجَ مِنْ مَنْزِلِهِ فَخَرَجَ السَّهْمُ الَّذِي يَكْرَهُ: لَا يَضُرُّهُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ عَثَرَ بِهِ فَرَسُهُ أَرْبَعَ مَرَّاتٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ يَسْتَقْسِمُ بِالْأَزْلَامِ وَيَخْرُجُ الَّذِي يَكْرَهُ: لَا يَضُرُّهُ.
حَتَّى نَادَاهُمْ بِالْأَمَانِ.
وَسَأَلَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُ كِتَابًا يَكُونُ أَمَارَةَ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَكَتَبَ لِي كِتَابًا فِي عَظْمٍ، أَوْ رُقْعَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُ جَاءَ بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِالْجِعْرَانَةِ مَرْجِعَهُ مِنَ الطَّائِفِ، فَقَالَ لَهُ " يَوْمُ وَفَاءٍ وَبِرٍّ، ادْنُهْ " فَدَنَوْتُ مِنْهُ وَأَسْلَمْتُ.
قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ مَالِكِ بْنِ جُعْشُمٍ.
وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ جَيِّدٌ.
وَلَمَّا رَجَعَ سُرَاقَةُ جَعَلَ لَا يلقى أحد مِنَ الطَّلَبِ إِلَّا رَدَّهُ وَقَالَ: كُفِيتُمْ هَذَا الْوَجْه.