تَفَرَّدَ بِهِ أَحْمَدُ أَيْضًا.
وَإِسْنَادُهُ لَا بَأْسَ بِهِ.
وَمُجَالِدٌ رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ مُتَابَعَةً، وَفِيهِ كَلَامٌ مَشْهُورٌ.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَعَلَّ هَذَا، أَعْنِي قَوْلَهُ: " وَرَزَقَنِي اللَّهُ وَلَدَهَا إِذْ حَرَمَنِي أَوْلَادَ النِّسَاء " كَانَ قبل أَن
يُولد إِبْرَاهِيم بن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ مَارِيَةَ، وَقَبْلَ مَقْدِمِهَا بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا مُتَعَيِّنٌ فَإِنَّ جَمِيعَ أَوْلَادِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، كَمَا تَقَدَّمَ وَكَمَا سَيَأْتِي، مِنْ خَدِيجَةَ إِلَّا إِبْرَاهِيمَ، فَمِنْ مَارِيَةَ الْقِبْطِيَّةِ الْمِصْرِيَّةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا.
وَقَدِ اسْتَدَلَّ بِهَذَا الْحَدِيثِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى تَفْضِيلِ خَدِيجَةَ عَلَى عَائِشَةَ رَضِيَ الله عَنْهَا وأرضاها.
وَتَكَلَّمَ آخَرُونَ فِي إِسْنَادِهِ.
وَتَأَوَّلَهُ آخَرُونَ عَلَى أَنَّهَا كَانَتْ خَيْرًا عِشْرَةً، وَهُوَ مُحْتَمَلٌ أَوْ ظَاهر، وَسَببه أَن عَائِشَة تمت بِشَبَابِهَا وَحُسْنِهَا وَجَمِيلِ عِشْرَتِهَا، وَلَيْسَ مُرَادُهَا بِقَوْلِهَا: " قَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا " أَنَّهَا تُزَكِّي نَفْسَهَا وَتُفَضِّلُهَا عَلَى خَدِيجَةَ، فَإِنَّ هَذَا أَمْرٌ مَرْجِعُهُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، كَمَا قَالَ: " فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (?) " وَقَالَ تَعَالَى: " أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أنفسهم، بل الله يزكّى من يَشَاء (3) " الْآيَةَ.
* * * وَهَذِهِ مَسْأَلَةٌ وَقَعَ النِّزَاعُ فِيهَا بَيْنَ الْعلمَاء قَدِيما وحديثا، وبجانبها طرق يقْتَصر عَلَيْهَا أَهِلُ التَّشَيُّعِ وَغَيْرُهُمْ، لَا يَعْدِلُونَ بِخَدِيجَةَ أَحَدًا مِنَ النِّسَاءِ: لِسَلَامِ الرَّبِّ عَلَيْهَا، وَكَوْنِ وَلَدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَمِيعِهِمْ، إِلَّا إِبْرَاهِيمَ، مِنْهَا، وَكَوْنِهِ لَمْ يَتَزَوَّجْ عَلَيْهَا حَتَّى مَاتَت إِكْرَاما لَهَا وَتَقْدِير إِسْلَامِهَا، وَكَوْنِهَا مِنَ الصِّدِّيقَاتِ، وَلَهَا مَقَامُ صِدْقٍ فِي أَوَّلِ الْبِعْثَةِ، وَبَذَلَتْ نَفْسَهَا وَمَالَهَا لِرَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم.