مَا سَمِعْتُ مِثْلَهُ قَطُّ، وَاللَّهِ مَا هُوَ بِالشِّعْرِ وَلَا الْكِهَانَةِ، يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَطِيعُونِي وَاجْعَلُوهَا بِي، خَلُّوا بَيْنَ هَذَا الرَّجُلِ وَبَيْنَ مَا هُوَ فِيهِ واعتزلوه، فو الله لَيَكُونَنَّ لِقَوْلِهِ الَّذِي سَمِعْتُ نَبَأً، فَإِنْ تُصِبْهُ الْعَرَبُ فَقَدْ كُفِيتُمُوهُ بِغَيْرِكُمْ، وَإِنْ يَظْهَرْ عَلَى الْعَرَب فملكه ملككم، وعزه عزكم، وَكنت أَسْعَدَ النَّاسِ بِهِ.
قَالُوا: سَحَرَكَ وَاللَّهِ يَا أَبَا الْوَلِيدِ بِلِسَانِهِ.
قَالَ: هَذَا رَأْيِي لَكُمْ، فَاصْنَعُوا مَا بَدَا لَكُمْ.
ثُمَّ ذَكَرَ يُونُسُ عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ شِعْرًا قَالَهُ أَبُو طَالِبٍ يَمْدَحُ فِيهِ عُتْبَةَ.
وَقَالَ الْبَيْهَقِيُّ: أَخْبَرَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يُوسُفَ الْأَصْبَهَانِيُّ، أَخْبَرَنَا أَبُو قُتَيْبَة سَلمَة ابْن الْفَضْلِ الْآدَمِيُّ بِمَكَّةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أَيُّوبَ أَحْمَدُ بْنُ بِشْرٍ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ عَمْرٍو الضَّبِّيُّ، حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى بْنُ زُرْعَةَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ.
قَالَ: لَمَّا قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى عُتْبَةَ بْنِ رَبِيعَةَ " حم تَنْزِيل من الرَّحْمَن الرَّحِيم " أَتَى أَصْحَابَهُ فَقَالَ لَهُمْ: يَا قَوْمِ أَطِيعُونِي فِي هَذَا الْأَمْرِ الْيَوْمَ، وَاعْصُونِي فِيمَا بَعْدَهُ، فو الله لَقَدْ سَمِعْتُ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ كَلَامًا مَا سَمِعَتْ أُذُنَايَ كَلَامًا مِثْلَهُ، وَمَا دَرَيْتُ مَا أَرُدُّ عَلَيْهِ.
وَهَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ جِدًّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
ثُمَّ رَوَى الْبَيْهَقِيُّ، عَنِ الْحَاكِمِ، عَنِ الْأَصَمِّ، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الْجَبَّارِ، عَنْ يُونُسَ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، حَدَّثَنِي الزُّهْرِيُّ قَالَ: حُدِّثْتُ أَنَّ أَبَا جَهْلٍ وَأَبَا سُفْيَانَ وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْمَعُوا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ، فَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا لِيَسْتَمِعَ مِنْهُ، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ
حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا وَطَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا فَجَمَعَهُمُ الطَّرِيقُ، فَتَلَاوَمُوا وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَعُودُوا فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوْقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا ثُمَّ انصرفوا.