ثُمَّ انْصَرَفْتُ فَرَجَعْتُ إِلَى مَكَّةَ فَوَجَدْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ بِمَكَّة يَدْعُو إِلَى الله عزوجل.
وَقَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّهْرِيِّ قَالَ: كَانَ الْوَحْيُ يُسْمَعُ، فَلَمَّا كَانَ الْإِسْلَامُ مُنِعُوا.
وَكَانَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنِي أَسَدٍ يُقَالَ لَهَا سُعَيْرَةُ لَهَا تَابِعٌ مِنَ الْجِنِّ، فَلَمَّا رَأَى الْوَحْيَ لَا يُسْتَطَاعُ أَتَاهَا فَدَخَلَ فِي صَدْرِهَا فَضَجَّ فِي صَدْرِهَا فَذَهَبَ عَقْلُهَا، فَجَعَلَ يَقُولُ مِنْ صَدْرِهَا: وُضِعَ الْعِنَاقُ، وَمُنِعَ الرِّفَاقُ، وَجَاءَ أَمْرٌ لَا يُطَاقُ، وَأَحْمَدُ حَرَّمَ الزِّنَا.
وَقَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرٍ الْخَرَائِطِيُّ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْبَلَوِيُّ - بِمِصْرَ - حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ زَيْدٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ يَزِيدَ، عَنْ صَالِحِ بْنِ كَيْسَانَ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ، عَنْ مِرْدَاسِ بْنِ قَيْسٍ السَّدُوسِيِّ قَالَ: حَضَرْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَقَدْ ذُكِرَتْ عِنْدَهُ الْكِهَانَةُ وَمَا كَانَ مِنْ تَغْيِيرِهَا عِنْدَ مَخْرِجِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ قَدْ كَانَ عِنْدَنَا فِي ذَلِك شئ، أَخْبِرُكَ أَنَّ جَارِيَةً مِنَّا يُقَالَ لَهَا الْخَلَصَةُ لم يعلم عَلَيْهَا إِلَّا خيرا، إِذْ جَاءَتْنَا فَقَالَتْ: يَا مَعْشَرَ دَوْسٍ، الْعَجَبُ الْعَجَبُ لِمَا أَصَابَنِي، هَلْ عَلِمْتُمْ إِلَّا خَيْرًا؟ قُلْنَا: وَمَا ذَاكَ؟
قَالَتْ.
إِنِّي لَفِي غَنَمِي إِذْ غَشِيَتْنِي ظُلْمَةٌ وَوَجَدْتُ كَحِسِّ الرَّجُلِ مَعَ الْمَرْأَةِ، فقد خشيت أَن أكون حَبِلْتُ.
حَتَّى إِذَا دَنَتْ وِلَادَتُهَا وَضَعَتْ غُلَامًا أَغْضَفَ لَهُ أُذُنَانِ كَأُذُنَيِ الْكَلْبِ، فَمَكَثَ فِينَا حَتَّى إِنَّهُ لَيَلْعَبُ مَعَ الْغِلْمَانِ إِذْ وَثَبَ وَثْبَةً وَأَلْقَى إِزَارَهُ وَصَاحَ بِأَعْلَى صَوْتِهِ، وَجَعَلَ يَقُولُ: يَا وَيْلَةْ يَا وَيْلَةْ يَا عَوْلَةْ يَا عَوْلَةْ، يَا وَيْلَ غَنْمٍ، يَا وَيْلَ فَهْمٍ، مِنْ قَابِسِ النَّارِ، الْخَيْلُ وَاللَّهِ وَرَاءَ الْعَقَبَةِ، فِيهِنَّ فِتْيَانٌ حِسَانٌ نَجِبَةٌ.
قَالَ: فَرَكِبْنَا وأخذنا للاداة وَقُلْنَا: يَا وَيْلَكَ مَا تَرَى؟ فَقَالَ: [هَلْ] من جَارِيَة