وَلَوْ تَفَرَّدَ بِرِوَايَتِهِ الصِّدِّيقُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَوَجَبَ عَلَى جَمِيعِ أَهْلِ الْأَرْضِ قَبُولُ رِوَايَتِهِ وَالِانْقِيَادُ لَهُ فِي ذَلِكَ.

وَإِنْ كَانَ غَضَبُهَا لاجل مَا سَأَلت الصّديق، إِذا كَانَتْ هَذِهِ الْأَرَاضِي صَدَقَةً لَا مِيرَاثًا أَنْ يَكُونَ زَوْجُهَا يَنْظُرُ فِيهَا، فَقَدِ اعْتَذَرَ بِمَا حَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ خَلِيفَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ يَرَى أَنَّ فَرْضًا عَلَيْهِ أَنْ يَعْمَلَ بِمَا كَانَ يَعْمَلُهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَيَلِي مَا كَانَ يَلِيهِ رَسُول الله، وَلِهَذَا قَالَ: وَإِنِّي وَاللَّهِ لَا أَدَعُ أَمْرًا كَانَ يَصْنَعُهُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا صَنَعْتُهُ.

قَالَ: فَهَجَرَتْهُ فَاطِمَةُ فَلَمْ تُكَلِّمْهُ حَتَّى مَاتَتْ.

وَهَذَا الْهِجْرَانُ وَالْحَالَةُ هَذِهِ فَتَحَ عَلَى فِرْقَةِ الرَّافِضَةِ شَرًّا عَرِيضًا، وَجَهْلًا طَوِيلًا، وَأَدْخَلُوا أَنْفُسَهُمْ بِسَبَبِهِ فِيمَا لَا يَعْنِيهِمْ.

وَلَوْ تَفَهَّمُوا الْأُمُورَ عَلَى مَا هِيَ عَلَيْهِ لَعَرَفُوا لِلصِّدِّيقِ فَضْلَهُ، وَقَبِلُوا مِنْهُ عُذْرَهُ الَّذِي يَجِبُ عَلَى كُلِّ أَحَدٍ قَبُولُهُ.

وَلَكِنَّهُمْ طَائِفَةٌ مَخْذُولَةٌ، وَفِرْقَةٌ مَرْذُولَةٌ، يَتَمَسَّكُونَ بِالْمُتَشَابِهِ، وَيَتْرُكُونَ الامور المحكمة الْمقدرَة عِنْدَ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعَيْنِ فَمَنْ بَعْدَهُمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُعْتَبَرِينَ فِي سَائِرِ الْأَعْصَارِ، وَالْأَمْصَارِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَأَرْضَاهُمْ أَجْمَعِينَ.

بَيَانُ رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ لِمَا رَوَاهُ الصِّدِّيقُ وَمُوَافَقَتِهِمْ عَلَى ذَلِكَ قَالَ الْبُخَارِيُّ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ بُكَيْرٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ عَقِيلٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي مَالِكُ بْنُ أَوْسِ بْنِ الْحَدَثَانِ، وَكَانَ مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ ذَكَرَ لِي ذِكْرًا مِنْ حَدِيثِهِ ذَلِكَ، فَانْطَلَقْتُ حَتَّى دَخَلْتُ عَلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ: انْطَلَقْتُ حَتَّى أَدْخُلَ عَلَى عُمَرَ فَأَتَاهُ حَاجِبُهُ يَرْفَا فَقَالَ: هَلْ لَكَ فِي عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ وَالزُّبَيْرِ وَسَعْدٍ؟ قَالَ: نَعَمْ فَأَذِنَ لَهُمْ.

ثُمَّ قَالَ: هَلْ لَكَ فِي عَلِيٍّ وَعَبَّاسٍ؟ قَالَ نَعَمْ: قَالَ عَبَّاسٌ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ اقْضِ بَيْنِي وَبَيْنَ هَذَا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015