الْبَيْعَةَ مَعَ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، مَعَ مَا تَقَدَّمَ لَهُ مِنَ الْبَيْعَةِ قَبْلَ دَفْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيَزِيدُ ذَلِكَ صِحَّةً قَوْلُ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي مَغَازِيهِ عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنِي أَبِي، أَنَّ أَبَاهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ كَانَ مَعَ عُمَرَ، وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ مَسْلَمَةَ كَسَرَ سَيْفَ الزُّبَيْرِ.
ثُمَّ خَطَبَ أَبُو بَكْرٍ وَاعْتَذَرَ إِلَى النَّاسِ وَقَالَ: مَا كُنْتُ حَرِيصًا عَلَى الْإِمَارَةِ يَوْمًا وَلَا لَيْلَة وَلَا سَأَلتهَا فِي سِرٍّ وَلَا عَلَانِيَةٍ.
فَقَبِلَ الْمُهَاجِرُونَ مَقَالَتَهُ.
وَقَالَ عَلِيٌّ وَالزُّبَيْرُ: مَا غَضِبْنَا إِلَّا لِأَنَّا أُخِّرْنَا عَنِ الْمَشُورَةِ، وَإِنَّا نَرَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَحَقُّ النَّاسِ بِهَا، إِنَّهُ لَصَاحِبُ الْغَارِ وَإِنَّا لَنَعَرِفُ شَرَفَهُ وَخَيْرَهُ، وَلَقَدْ أَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يصلى بِالنَّاسِ وَهُوَ حَيٌّ.
إِسْنَادٌ جَيِّدٌ.
وَلِلَّهِ الْحَمْدُ والْمنَّة.
فَصْلٌ وَمَنْ تَأَمَّلَ مَا ذَكَرْنَاهُ ظَهَرَ لَهُ إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ الْمُهَاجِرِينَ مِنْهُمْ وَالْأَنْصَارِ عَلَى تَقْدِيمِ أَبى بكر، وَظهر برهَان قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام: " يَأْبَى اللَّهُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَّا أَبَا بَكْرٍ ".
وَظَهَرَ لَهُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَنُصَّ عَلَى الْخِلَافَةِ عَيْنًا لِأَحَدٍ مِنَ النَّاسِ، لَا لِأَبِي بَكْرٍ، كَمَا قَدْ زَعَمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ، وَلَا لَعَلِّي كَمَا تَقوله طَائِفَة من الرَّافِضَةِ.
وَلَكِنْ أَشَارَ إِشَارَةً قَوِيَّةً يَفْهَمُهَا كُلُّ ذِي لُبٍّ وَعَقْلٍ إِلَى الصِّدِّيقِ كَمَا قَدَّمْنَا وسنذكره وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ