وَسَلَّمَ يَتَوَشَّحُنِي وَيَنَالُ مِنْ رَأْسِي وَبَيْنِي وَبَيْنَهُ ثَوْبٌ وَأَنَا حَائِضٌ.

ثُمَّ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا مَرَّ بِبَابِي مِمَّا يُلْقِي الْكَلِمَةَ يَنْفَعُنِي اللَّهُ بِهَا، فَمَرَّ ذَاتَ يَوْمٍ فَلَمْ يَقُلْ شَيْئًا ثُمَّ مَرَّ فَلَمْ يَقِلْ شَيْئًا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا.

فَقُلْتُ: يَا جَارِيَةُ ضَعِي لِي وِسَادَةً عَلَى الْبَابِ.

وَعَصَبْتُ رَأْسِي فَمَرَّ بِي.

فَقَالَ: يَا عَائِشَةُ مَا شَأْنُكِ؟ فَقُلْتُ: أَشْتَكِي رَأْسِي.

فَقَالَ: أَنَا وَارَأْسَاهْ.

فَذَهَبَ فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا يَسِيرًا حَتَّى جئ بِهِ مَحْمُولًا فِي كِسَاءٍ، فَدَخَلَ عَلَيَّ وَبَعَثَ إِلَى النِّسَاءِ فَقَالَ: إِنِّي قَدِ اشْتَكَيْتُ، وَإِنِّي لَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَدُورَ بَيْنَكُنَّ، فَأْذَنَّ لِي فَلْأَكُنْ عِنْدَ عَائِشَةَ.

فَكُنْتُ أُمَرِّضُهُ وَلَمْ أُمَرِّضْ أَحَدًا قَبْلَهُ، فَبَيْنَمَا رَأْسُهُ ذَاتَ يَوْمٍ عَلَى مَنْكِبِي إِذْ مَالَ رَأْسُهُ نَحْوَ رَأْسِي، فَظَنَنْتُ أَنَّهُ يُرِيدُ مِنْ رَأْسِي حَاجَةً فَخَرَجَتْ مِنْ فِيهِ نُطْفَة (?) بَارِدَةٌ، فَوَقَعَتْ عَلَى ثَغْرَةِ نَحْرِي فَاقْشَعَرَّ لَهَا جِلْدِي فَظَنَنْتُ أَنَّهُ غُشِيَ عَلَيْهِ فَسَجِيَّتُهُ ثَوْبًا.

فَجَاءَ عُمَرُ وَالْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَاسْتَأْذَنَا فَأَذِنْتُ لَهُمَا وَجَذَبْتُ إِلَيَّ الْحِجَابَ، فَنَظَرَ عُمَرُ إِلَيْهِ

فَقَالَ: وَاغَشْيَاهْ مَا أَشَدَّ غَشْيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

ثُمَّ قَامَا فَلَمَّا دَنَوَا مِنَ الْبَابِ قَالَ الْمُغِيرَةُ: يَا عُمَرُ مَاتَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

فَقُلْتُ: كذبت بل أَنْت رجل نحوسك (?) فِتْنَةٌ، إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا يَمُوتُ حَتَّى يُفْنِيَ اللَّهُ الْمُنَافِقِينَ.

قَالَتْ: ثُمَّ جَاءَ أَبُو بَكْرٍ فَرَفَعْتُ الْحِجَابَ فَنَظَرَ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ! مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ أَتَاهُ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ فَحَدَرَ فَاهُ فَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ، ثُمَّ قَالَ: وَانَبِيَّاهْ! ثُمَّ رفع رَأسه فحدر فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ ثُمَّ قَالَ.

وَاصَفِيَّاهْ.

ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَحَدَرَ فَاهُ وَقَبَّلَ جَبْهَتَهُ وَقَالَ: وَاخَلِيلَاهْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَخَرَجَ إِلَى الْمَسْجِدِ وَعُمَرُ يَخْطُبُ النَّاسَ وَيَتَكَلَّمُ وَيَقُولُ: إِن رَسُول الله لَا يَمُوت حَتَّى يفنى الله الْمُنَافِقين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015